المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

471

الطبيعة في كلا الفرضين تحكي عن خصوص الجهة المشتركة بين الأفراد، وإنّما الفرق بينهما: أنّ الحكم المحمول على هذه الطبيعة تارة يكون سارياً إلى الأفراد فيكون الإطلاق شموليّاً، واُخرى لا يكون سارياً إليها فيكون بدليّاً.

وطبع الإطلاق في بعض الموارد يقتضي البدليّة وفي بعضها يقتضي الشموليّة، وتوضيح ذلك: أنّ ما جعل معروضاً للحكم تارة يكون موضوع الحكم كالعالم في قولنا: (أكرم العالم)، واُخرى يكون متعلّقاً للحكم كالصلاة في قولنا: (صلّ). والفرق بين الموضوع والمتعلّق: أنّ الموضوع يجب أن يكون موجوداً في زمان فعليّة الحكم وما لم يوجد الموضوع لا يكون الحكم فعليّاً، كما ترى أنّه ما لم يوجد العالم في الخارج لا يكون وجوب الإكرام فعليّاً، وأمّا المتعلّق فلا يعقل وجوده في زمان فعليّة الحكم بل يوجد بامتثال الحكم الفعليّ، كما ترى أنّ الصلاة توجد بامتثال قوله: (صلّ)، لا أنّها موجودة في زمان فعليّة الأمر بالصلاة وإلّا لزم طلب الحاصل.

ومعنى شموليّة الإطلاق هو سريان الحكم لدى فعليّته إلى أفراد معروضه، ومعنى بدليّته عدم السريان إلى أفراد معروضه.

وسريان الحكم إلى الأفراد بنحو من السريان ـ ولو مجازاً ـ إنّما يكون بلحاظ موضوع الحكم وذلك بلحاظ ما بعد وجود أفراد الموضوع، فمهما وجد فرد لموضوعه سرى إليه الحكم، ومن هنا ظهر أنّ معروض الحكم إن كان عبارة عن موضوعه فمقتضى طبع الإطلاق هو الشموليّة؛ لأنّه بلحاظ زمان فعليّته يكون ـ لا محالة ـ سارياً إلى أفراد الموضوع، فقوله مثلاً: (أكرم العالم) يدلّ بالإطلاق على وجوب إكرام كلّ فرد من أفراد العالم، بمعنى أنّ الحكم ثبت على طبيعة العالم فسرى منها إلى تمام أفرادها لا إلى بعضها دون بعض؛ لأنّنا لا نتعقّل ملاكاً لسريان الحكم إلى أفراد الطبيعة إلّا كون الطبيعة منطبقة على فردها، وهذا الملاك ـ كما