المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

428

وأمّا أخبار العقوبات والحدود والديات: فالغالب فيها أيضاً عدم المخالفة لعموم الكتاب؛ لعدم ورود آية في ذلك في الكتاب إلّا نادراً كآية حدّ السرقة والزنا وشرب الخمر والعبث في الأرض فساداً.

وأمّا الأخبار المفردة غير الداخلة في شيء من الأبواب الدالّة على حرمة بعض الأشياء ـ كما دلّ على حرمة التختّم بالذهب للرجال مثلاً ـ: فليس في القرآن ما يدلّ على خلافها عموماً أو إطلاقاً؛ إذ لم ترد آية تدلّ على حلّيّة كلّ شيء، وإن توهّم بعض الأساطين أنّ الآية الشريفة هكذا: (اُحلّ لكم ما في الأرض جميعاً)، وليس كذلك بل الآية الشريفة هكذا: ﴿خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً﴾(1).

وأمّا الأخبار المفردة الدالّة على حلّيّة بعض الأشياء: فأيضاً ليس في القرآن ما يدلّ على خلافها عموماً أو إطلاقاً؛ إذ لم ترد آية تدلّ على حرمة كلّ شيء.

والخلاصة: أنّ دعوى كون أخبار الآحاد ـ إلّا ما شذّ وندر ـ مخالفةً لعموم الكتاب أو إطلاقه ممنوعة جدّاً، وصدور مثلها عن المحقّق الخراسانيّ(قدس سره) غريب غايته.

الثالث ـ وهو الوجه المتعارف بين المحقّقين ـ: إطلاق دليل حجّيّة خبر الواحد الشامل للخبر المخالف لعموم الكتاب، فإنّ هذا الإطلاق مقدّم بالحكومة.

توضيح ذلك: أنّ التعارض في الحقيقة يكون بين دليل حجّيّة ظاهر الكتاب ودليل حجّيّة خبر الواحد المخالف لعموم الكتاب، ودليل حجّيّة الظاهر قد اُخذ في موضوعه عدم ورود القرينة المنفصلة على الخلاف، ولذا سلّمنا تخصيص خبر الواحد بخبر الواحد، وإطلاق دليل حجّيّة الخبر الواحد الشامل للخبر المخالف لعموم الكتاب مثبت لقرينيّته، فيرتفع موضوع دليل حجّيّة ظاهر الكتاب بالحكومة.



(1) سورة 2 البقرة، الآية: 29.