المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

421

(أسداً) قرينة على أنّ المراد بــ (يرمي) رمي قطع اللحم من الفم مثلاً، وكذلك الأمر فيما نحن فيه، فإنّ الاستثناء والمستثنى قرينة بالنسبة للمستثنى منه دون العكس، فظهر: أنّ إطلاق الاستثناء والمستثنى مقدّم على إطلاق المستثنى منه وعمومه.

وإن بنينا على مبنى كون العبرة في التقدّم بالأظهريّة ـ كما ذهب إليه المحقّق العراقيّ(قدس سره) ـ فالمتعيّن كون إطلاق الاستثناء والمستثنى في عرض ظهور ما عدا الجملة الأخيرة ولو فرض بالعموم، لا تقدّم العموم عليه؛ وذلك لأنّه كما يكون الإطلاق متوقّفاً على عدم البيان المتّصل أو مطلقاً، كذلك العموم متوقّف على عدم البيان المتّصل؛ لما مضى في السابق من أنّ أداة العموم إنّما تشمل وضعاً أفراد المفهوم المتحصّل من تمام ما يكون متّصلاً بمدخوله، فظهر: أنّه لا رجحان فيما نحن فيه للعموم على الإطلاق.

وأمّا ما ذكره من عدم جريان الإطلاقين رأساً ـ لمكان الدور لا لصلاحيّة كلّ منهما للقرينيّة للآخر ـ فيرد عليه: أنّه بعد تسليم كون كلّ منهما في مرتبة واحدة لا يجري شيء منهما، لكن لا لما ذكره من عدم تماميّة مقدّمات الحكمة رأساً لمكان الدور. توضيح ذلك: أنّ بطلان الدور معناه استحالة توقّف الشيء على نفسه لا أنّه بعد أن فرض توقّفه على نفسه يستحيل وجوده في الخارج؛ لأنّه علّة نفسه وهو ليس موجوداً حتّى يوجد نفسه مثلاً، والمحقّق العراقيّ(قدس سره) سلّم توقّف الشيء على نفسه فيما نحن فيه حيث قال: إنّ الإطلاق في كلّ طرف موقوف على عدمه في الطرف الآخر، وعدمه في الطرف الآخر موقوف على الإطلاق في الطرف الأوّل، فكأنّه توهّم أنّ معنى استحالة الدور استحالة وجود ما توقّف على نفسه، مع أنّ الأمر ليس كذلك.

وبكلمة اُخرى: لو لم يعترف بالتوقّفين فلا دور، ولو اعترف بهما فقد اعترف بالدور المحال، فإنّ المحال هو نفس توقّف الشيء على نفسه، هذا.