المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

420

أقول: أمّا ما ذكره من أنّ إطلاق الاستثناء والمستثنى يقتضي الرجوع إلى الجميع فيرد عليه: أنّ (غير) مبهم في غاية الإبهام، وبإبهامه ليس قابلاً لصيرورته موضوعاً للحكم الشرعيّ، فإن أراد(قدس سره)إجراء الإطلاق في (غير) مع قطع النظر عن تحصّل مفهوم معيّن له بوقوعه صفة للمستثنى منه ومضافاً إلى الاستثناء لم يكن ذلك معقولاً؛ لما عرفت من أنّه بإبهامه لا تعقل صيرورته موضوعاً للحكم الشرعيّ. وإن أراد إجراء الإطلاق فيه بعد تحصّل مفهوم معيّن له بوقوعه صفة للمستثنى منه ومضافاً إلى المستثنى فالشكّ إنّما هو في نفس ذلك المفهوم المتعيّن، هل هو موضوع الجملة الأخيرة فقط المتّصف بكونه غير فاسق أو موضوع جميع الجمل المتّصف بكونه غير فاسق، وعلى أحد الفرضين لا يعقل رجوع الاستثناء إلى الجميع، فكيف يمكن إثبات رجوعه إلى الجميع بالإطلاق؟ هذا بلحاظ أداة الاستثناء.

وكذلك الأمر بلحاظ المستثنى، فإنّه بعد أن شككنا في المفهوم المتحصّل المتعيّن من أداة الاستثناء ولم ندر أنّه هل هو موضوع الجملة الأخيرة المتّصف بكونه غير الفسّاق أو هو موضوع تمام الجمل المتّصف بذلك لم يعقل إجراء الإطلاق في المستثنى، فإنّه على أحد الفرضين يستحيل كون المستثنى الفاسق من جميع تلك الموضوعات.

وأمّا ما ذكره من أنّ إطلاق الاستثناء والمستثنى معارض بظهور ما عدا الجملة الأخيرة، فإن كان ظهوره بالعموم قدّم على الإطلاق وإلّا فهما متساويان، فيرد عليه ـ بعد تسليم إطلاق المستثنى والمستثنى منه ـ: أنّه إن بنينا على مبنى كون العبرة في التقدّم بالقرينيّة ـ كما هو الحقّ ـ فإطلاق الاستثناء والمستثنى مقدّم على ظهور ما عدا الجملة الأخيرة ولو فرض ذلك بالوضع؛ وذلك لأنّ العرف يرى ملابسات الكلام ومتعلّقاته قرينة لأصل الكلام دون العكس، فلو قال: (رأيت أسداً يرمي) يكون قوله: (يرمي) قرينة على أنّ المراد بالأسد الرجل الشجاع، لا أنّ قوله: