المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

419

ثمّ إنّ المحقّق العراقيّ(قدس سره) بعد أن ذهب إلى إمكان الاستثناء من الجميع بلامؤونة ولو كان الاستثناء بالحرف، وقال بعدم الفرق بين كون الاستثناء بالحرف وكونه بالاسم ساق كلا القسمين من الاستثناء مساقاً واحداً وذكر تفصيلاً في المسألة، وبما أنّ كلامنا فعلاً في الاستثناء بالاسم فلنمثّل بذلك فنقول:

لو قال المولى مثلاً: (أكرم العلماء وجالس الأسخياء وسلّم على العبّاد غير الفسّاق) فهل يرجع الاستثناء إلى الأخيرة أو إلى الجميع؟

ذكر المحقّق العراقيّ(قدس سره) أنّ مقتضى إطلاق الاستثناء والمستثنى هو الرجوع إلى الجميع، وهذا الإطلاق معارض بظهور ما عدا الجملة الأخيرة في الإطلاق أو العموم، فإن كان ظهور ما عدا الجملة الأخيرة بالعموم، ككلمة (كلّ) قدّم على إطلاق الاستثناء والمستثنى؛ لأنّ إحدى مقدّمات الحكمة عدم البيان، وعموم ما عدا الجملة الأخيرة بيانٌ، فهو مانع عن انعقاد مقدّمات الحكمة.

وإن كان ظهور ما عدا الجملة الأخيرة بالإطلاق ففي الحقيقة لا يتمّ شيء من الإطلاقين المتعارضين ويحصل الإجمال، وليس ذلك لأجل صلاحيّة كلّ منهما للقرينيّة للآخر، فإنّ قرينيّة كلّ منهما فرع ظهوره بتماميّة مقدّمات الحكمة بالنسبة إليه، ولا تتمّ؛ لما فيها من الدور ـ كما ستعرف ـ بل الإطلاق بنفسه غير جار في شيء من الطرفين؛ لأنّه مستلزم للدور، فإنّ الإطلاق في كلّ طرف متوقّف على عدم تحقّق البيان بالإطلاق في الطرف الآخر، وهو متوقّف على إطلاق الطرف الأوّل؛ لأنّه لولاه لكان إطلاق الطرف الآخر تامّاً، فلا يجري شيء من الإطلاقين للدور. هذا ما أفاده المحقّق العراقيّ(قدس سره)(1).



(1) المقالات، ج 1، المقالة: 37، ص 475 ـ 476 بحسب طبعة مجمع الفكر الإسلاميّ بقم.