المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

416

يكون الاستثناء من كلّ واحد منها فرداً مستقلاًّ برأسه من أفراد الاستثناء، فلابدّ إمّا من استعمال الأداة في الجامع بين هذه الأفراد وذلك مناف لفرض جزئيّة المعنى الحرفيّ، وإمّا من استعمالها في أكثر من معنى واحد وهو أيضاً باطل.

ويرد على جوابه الثاني: أنّ القائلين بكون الموضوع له الحروف عامّاً اختلفوا فيما بينهم، فذهب المحقّق الخراسانيّ(قدس سره) إلى أنّ المستعمل فيه أيضاً عامّ، ولكن ذهب المحقّق العراقيّ(قدس سره) إلى أنّ الحرف يستعمل في المعنى الخاصّ إلّا أنّه فرق بين استعماله واستعمال ما يكون الموضوع له فيه خاصّاً، وهو أنّه في الثاني يراد المعنى الخاصّ بنحو وحدة الدالّ والمدلول، وفي الأوّل يراد المعنى الخاصّ بنحو تعدّد الدالّ والمدلول، فطرفا النسبة الحرفيّة كالسير والبصرة مثلاً يدلاّن على الخصوصيّة، ونفس الأداة تدلّ على الحصّة الموجودة في ضمن هذا الفرد من الجامع، فالفرق بينه(قدس سره) وبين مَن يقول بجزئيّة الموضوع له في الحروف أنّ القائل بجزئيّته يقول: لا جامع بين النسب الجزئيّة يكون هو الموضوع له. وهو(قدس سره) يقول: إنّ الجامع بينها موجود وهو الموضوع له الحرف، فكلمة (من) مثلاً وضعت لجامع النسب الابتدائيّة، لكنّه بما أنّه لا يعقل تحقّق المعنى الحرفيّ في موطن الذهن إلّا إذا صار جزئيّاً لا يستعمل الحرف إلّا في حصّة خاصّة من الجامع موجودة في فرد خاصّ ويدلّ شيء آخر على الخصوصيّة، فاستعمل الحرف في معنىً جزئيّ بنحو تعدّد الدالّ والمدلول.

وأنت ترى أنّه بناء على هذا المبنى أيضاً لا يعقل الاستثناء من الجميع بأداة واحدة بدون ملاحظة وحدة اعتباريّة، فإنّه لو فعل كذلك فإمّا أن استعملت الأداة في حصص عديدة من الجامع من قبيل استعمال اللفظ في أكثر من معنى وذلك غير صحيح، وإمّا أن استعملت في ذات الجامع وهذا خلاف مبناه من كون المستعمل فيه جزئيّاً.