المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

413

إلّا الفسّاق منهم)، ففي هذا المثال لا مانع من رجوع الاستثناء إلى كلّ هذه العناوين الثلاثة، فنبقى نحتمل رجوعه إليها جميعاً لا بمعنى استعمال الأداة في عدد من النسب حتّى يقال: إنّ هذا خلف عدم استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد، ولا بمعنى استعمال الأداة في جامع النسب حتّى يقال: إنّ هذا خلف جزئيّة المعنى الحرفيّ، بل بمعنى إلباس المواضيع الثلاثة ثوب الوحدة والتركّب الاعتباريّ؛ إذ لا مؤونة زائدة فيه هنا؛ لأنّ هذا الإلباس قد تحقّق سلفاً وقبل الاستثناء؛ لأنّ المفروض أنّه حُمل عليها محمول واحد، والنسبة بين الموضوع والمحمول أيضاً معنى حرفيّ جزئيّ متقوّم بالطرفين، فلا يمكن جعل هذه النسبة بين محمول واحد وعدّة مواضيع إلّا بإلباسها ثوب الوحدة والتركيب الاعتباريّ، فإذا تحقّق هذا الإلباس فلا مانع من رجوع الاستثناء إلى الكلّ وإذن فلا أقلّ من الإجمال(1).

والأمر في المثال الثالث أوضح وهو قوله: (أكرم العلماء وسلّم عليهم وأضفهم



(1) لا يخفى أنّ الوحدة الناتجة من جعل مجموع العناوين طرفاً واحداً للنسبة ليست بمؤونة جديدة، بل تكون بنفس طرفيّة الموضوعات العديدة لنسبة واحدة، فكلّ موضوع تارة يفرض طرفاً تامّاً لنسبة مّا وهذا يتطلّب تعدّد النسب، واُخرى يفترض جزء طرف، وعندئذ ـ لا محالة ـ ينتزع ثوب وحدة بين الموضوعات حيث أصبحت بمجموعها طرفاً واحداً. ومن هنا اتّضح خطأ الفرق بين الصورة الاُولى والثانية بأنّ الوحدة في الصورة الثانية ملحوظة ـ لا محالة ـ لأجل نسبة اُخرى، وهي النسبة بين الموضوع والمحمول فلا مورد لوحدة جديدة، بخلاف الصورة الاُولى، فإنّ هذا يرد عليه: أنّ هذه الوحدة انتزاعيّة لا اعتباريّة، والوحدة الانتزاعيّة بلحاظ كلّ نسبة إنّما هي في اُفق تلك النسبة، فالوحدة بلحاظ نسبة ثانية وحدة اُخرى غير الاُولى وهي نابعة من صميم طرفيّتها للنسبة الثانية.