المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

356

ليس ذلك ملازماً لمفاد أصالة الجدّ على كلّ تقدير(1).

ولا يتوهّم وقوع المعارضة بين أصالة الجدّ في الخاصّ وأصالة الجدّ في العامّ، فإنّ المنافاة بينهما غير معلومة؛ لاحتمال صدق كلتيهما، بأن يكون مراد المتكلّم من الخاصّ هو خصوص الفرد الجاهل، فيبقى العامّ على حجّيّته بالنسبة إلى زيد العالم؛ لعدم معلوميّة مزاحم له، فأصالة الجهة تجري في العامّ بلا إشكال وتصير حاكمة على أصالة الجهة في الخاصّ؛ لأنّها توجب العلم تعبّداً بخطأ أصالة الجهة في الخاصّ على أحد التقديرين، والمفروض عدم تماميّة الدلالة الالتزاميّة حتّى نأخذ بالتقدير الآخر، فتسقط أصالة الجهة في الخاصّ عن الحجّيّة رأساً.

وما ذكرناه يجري في جميع موارد رفع إجمال أحد الدليلين بمبيّنيّة الدليل الآخر إلّا ما كان من قبيل ما مضى من مثال الكرّ الذي لا يمكن قياسه بما نحن فيه؛ لثبوت الدلالة الالتزاميّة على جميع التقادير، فإنّ حديث ستمئة رطل يدلّ ـ على جميع محتملاته الثلاثة ـ على عدم كون الكرّ أزيد من ألف ومئتي رطل عراقيّ، وحديث ألف ومئتي رطل يدلّ ـ على جميع محتملاته الثلاثة ـ على عدم كون الكرّ أقلّ من ستمئة رطل مكّيّ.

هذا تمام الكلام بالنسبة لحمل المجمل على المبيّن.



(1) قد أبطل اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) هذا الكلام في تقريرالسيّد الهاشميّ ـ حفظه الله ـ في الجزء الثالث من بحوث في علم الاُصول ـ ص 446 ـ بأنّ هذا الإشكال غير تامّ رغم أنّنا كنّا نبني عليه سابقاً؛ وذلك لأنّ الظهور في الجدّيّة وعدم التقيّة صفة مضافة إلى نفس الكلام لا إلى المدلول الاستعماليّ له، بمعنى أنّ الدالّ على الجدّيّة وعدم التقيّة إنّما هو ظهور حال المتكلّم في أنّ كلامه الذي يتكلّم به ليس فارغاً وتقيّة، لا أنّ المدلول عليه هو نفس المدلول الاستعماليّ ليقال: إنّه مردّد بين ما ثبت بطلانه وما هو غير محرز الثبوت.