المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

353

ولنتكلّم أوّلاً في المجمل الذي كان المبيّن معارضاً لأحد محتمليه لكي نرى هل يثبت محتمله الآخر بالدلالة الالتزاميّة أو لا، ويظهر الحال بعد ذلك بالنسبة للمجملين. فنقول:

تارة: نفترض أنّ دليلاً مّا كان مفاده أساساً هو الجامع بين حكمين ولم يكن يشر إلى أحدهما المعيّن عند الله والمردّد عندنا، والدليل المبيّن نفى أحد فردي الجامع، كما لو ورد ما يدلّ على أصل وجوب الصلاة لدى الزوال وورد دليل بلحاظ يوم الجمعة ينفي وجوب صلاة الظهر، ولا إشكال في أنّه يتعيّن هنا الفرد الآخر وهو في هذا المثال صلاة الجمعة، أو ورد دليل ينفي صلاة الجمعة فتثبت صلاة الظهر؛ إذ من الواضح أنّ ثبوت الجامع مع انتفاء أحد فرديه يلازم ثبوت الفرد الآخر، وهذا في الحقيقة خارج عمّا نحن فيه؛ لأنّ الدليل على الجامع ليس مجملاً.

واُخرى: نفترض أنّ الدليل مجمل أشار إلى فرد معيّن عند الله وإن كان مجهولاً عندنا كما في مثال: (لا تكرم زيداً)، فإنّه يشير إلى فرد معيّن اسمه زيد، ونحن لم نعرف هل كان مقصوده زيد العالم أو زيد الجاهل فقسنا ذلك إلى قوله: (أكرم كلّ عالم). وقد مضى أنّ المحقّق النائينيّ والسيّد الاُستاذ ذهبا إلى ثبوت الحكم الخاصّ متوجّهاً إلى زيد الجاهل ببركة الدلالة الالتزاميّة للعامّ(1).

والواقع هو: أنّنا تارة: نفترض القطع بإرادة الجدّ في قوله: (لا تكرم زيداً) وهنا يتمّ ما ذكراه؛ لأنّ حديث (لا تكرم زيداً) يدور أمره بين أن يكون كذباً، أو يكون



(1) لأنّ الشيخ النائينيّ(رحمه الله) بان على حجّيّة لوازم الأمارات، والسيّد الخوئيّ(رحمه الله) جعل حديثه فعلاً مبنيّاً على فرض حجّيّة لوازم الأمارات.