المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

352

كما ربّما يفرض أيضاً كلا الكلامين مجملاً من جهة ومبيّناً من جهة اُخرى، فيرفع إجمال كلّ واحد منهما بالآخر، وذلك كما يقال في حديثين واردين في باب تحديد الكرّ بالوزن: أحدهما صحيحة محمّد بن مسلم(1)، والآخر مرسلة ابن أبي عمير(2)، دلّ الأوّل على أنّ الكرّ ستمئة رطل والثاني على أنّه ألف ومئتا رطل.

وتوضيح الكلام فيه: أنّ الرطل على ثلاثة أقسام: عراقيّ ومكّيّ ومدنيّ، والمكّيّ ضِعف العراقيّ، فألف ومئتا رطل عراقيّ يساوي ستمئة رطل مكّيّ، كما أنّهما مساويان لتسعمئة رطل مدنيّ؛ لأنّ الرطل المكّيّ يساوي رطلاً ونصفاً من الرطل المدنيّ، وعلى هذا فصحيحة محمّد بن مسلم تدلّ على أنّ الكرّ لا يكون أزيد من ألف ومئتي رطل عراقيّ، فإنّه إن كان المراد من الرطل فيها الرطل المكّيّ ساوى الكرّ ألف ومئتي رطل عراقيّ، وإن كان المراد منه غير ذلك كان أقلّ من ذلك المقدار، كما أنّ مرسلة ابن أبي عمير تدلّ على أنّ الكرّ لا يكون أقلّ من ستمئة رطل مكّيّ، فإنّه إن كان المراد من الرطل فيها الرطل العراقيّ الذي هو أخفّ الأرطال ساوى الكرّ ستمئة رطل مكّيّ، وإن كان المراد منه غير ذلك كان الكرّ أزيد من ذلك. إذن فمقتضى رفع إجمال كلّ منهما بالآخر حمل الصحيحة على الرطل العراقيّ والمرسلة على المكّيّ، وعليه فينبغي الكلام في أصل أنّه هل يمكن رفع إجمال أحد الحديثين بالدلالة الالتزاميّة للآخر أو لا ؟



(1) الوسائل، الباب 11 من الماء المطلق، ح 3، عن أبي عبدالله(عليه السلام): «والكرّ ستمئة رطل».

(2) المصدرالسابق، ح 1 عن أبي عبدالله(عليه السلام): «الكرّ من الماء الذي لا ينجّسه شيء ألف ومئتا رطل».