المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

295

فإن قيل بالأوّل ورد عليه: أنّ قوله: (أكرم كلّ عالم) لا يحتمل إلّا بيان وجوب واحد لكلّ فرد لا وجوبين. وإن قيل بالثاني انهدم موضوع الوجوب الظاهريّ، فإنّه إنّما يثبت وجوب إكرام زيد ظاهراً بقيام الأمارة على عدالته لو فرض أنّه على تقدير العدالة يجب إكرامه واقعاً، وأمّا لو فرض عدم وجوب إكرامه واقعاً حتّى على تقدير العدالة فلا معنى لوجوب إكرامه ظاهراً عند الشكّ في العدالة(1).

ولا يخفى أنّ هذا الإشكال لا يرد على التقريب الثاني، فإنّ العامّ على التقريب الثاني لا يدلّ على حكمين وإنّما يدلّ على الحكم الواقعيّ، وإنّما يستفاد الحكم الظاهريّ من دليل جعل ظهور العامّ أمارة على العدالة لو كان.

وقد تحقّق بكلّ ما ذكرناه عدم حجّيّة العامّ في الشبهة المصداقيّة للمخصّص المنفصل المردّد بين الأقلّ والأكثر.

 

موارد الاستثناء من عدم الحجّيّة في المقام:

نستثني من عدم الحجّيّة في المقام موردين:

الأوّل: ما إذا كان العامّ قضيّة خارجيّة وكانت الأفراد محدودة بنحو لا يكون علم المولى بحالها خلاف المتعارف، كما لو قال: (أكرم كلّ علماء البلد)، وعلمنا من الخارج أنّه لا يجب إكرام عالم فاسق، وكان علماء البلد محدودين بمقدار



(1) ويرد أيضاً على هذا الوجه: أنّ الظاهر من دليل حكم وجوب الإكرام مثلاً هو إرادة الحكم الواقعيّ فحسب، كما هو الأصل في جميع أدلّة الأحكام ما لم ينصّ على أخذ الشكّ في الحكم الواقعيّ في موضوعها، فلا دلالة للكلام على حكم ظاهريّ كي نكتشف من ذلك جعل العلم أمارة على العدالة أو عدم الفسق.