المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

294

ويرد عليه: أنّ ظهور كلامه في وجوب إكرام زيد لا يعقل أن يثبت أماريّته على عدالة زيد بنفسه، بل لابدّ من قيام دليل آخر على أماريّته عليها، ولم ترد آية ولا رواية تدلّ على ذلك، ولا تدلّ السيرة العقلائيّة في حجّيّة الظهورات على ذلك، فإنّ السيرة العقلائيّة إنّما قامت على حجّيّة الظهورات بالنسبة لما تقتضي الكشف عنه لا بالنسبة لما لا تقتضي الكشف عنه.

وليس ظهور كلام المولى في وجوب إكرام زيد كاشفاً عن عدالته، وإلّا لتمّ التقريب الأوّل، وقد قلنا بعدم تماميّته لعدم بناء الشارع على إعمال العلم بالغيب.

الثالث: أن يقال أيضاً: إنّ للشارع جعل أمارة على عدالة زيد، لكن لا نقول بكون ظهور كلامه في وجوب إكرام زيد أمارة على ذلك حتّى يرد عليه ما عرفت، بل نقول بأنّ الشارع جعل علمه أمارة على عدالته، وهذا الجعل أيضاً يحتاج إلى دليل، لكن قد ورد الدليل عليه وهو نفس ظهور كلام الشارع في وجوب إكرام زيد.

توضيحه: أنّه لا إشكال في أنّ كلام الشارع ظاهر في وجوب إكرام زيد بالفعل، فلو كان مراده هو الوجوب الواقعيّ بالفعل لزم من ذلك إعماله للعلم بالغيب، وقد مضى أنّ هذا خلاف دأبه وديدنه، ولكنّنا نقول: إنّ مراده هو الوجوب الظاهريّ، وهذا يكشف بالملازمة عن أنّ الشارع جعل في الرتبة السابقة العلم أمارة على العدالة، وإلّا لم يكن له الحكم بوجوب الإكرام وجوباً ظاهريّاً.

ويرد عليه: أنّه لو قيل بدلالة كلام الشارع على الوجوب الظاهريّ فإمّا أن يقال بدلالة كلامه على وجوبين طوليّين: الأوّل وجوب واقعيّ ثابت على فرض كونه عادلاً، والثاني وجوب ظاهريّ ثابت في فرض الشكّ، فلو اتّفق كونه في الواقع عادلاً كان إكرامه واجباً بوجوبين: واقعيّ وظاهريّ. أو يقال بعدم دلالته على الوجوب الواقعيّ ولوكان في الواقع عادلاً.