المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

291

إكرام زيد من حيث إنّه عادل، بحيث يثبت بذلك ـ بناءً على حجّيّة مثبتات الأمارة ـ أنّ زيداً عادل، وهذا يمكن تقريبه بثلاثة أنحاء:

الأوّل: أنّ قول المولى: (أكرم كلّ عالم) تكون دلالته المطابقيّة إنشاء وجوب إكرام زيد مثلاً، ودلالته الالتزاميّة إخباراً عن عدالة زيد؛ لما نعلم من أنّ زيداً لو لم يكن عادلاً لم يجب إكرامه.

ويرد عليه: أنّ الشارع عند بيانه للأحكام بنحو القضايا الحقيقيّة ليس في مقام الإخبار عن مثل عدالة زيد، فإنّه لا يعلم بعدالة زيد حتّى يخبر عنه إلّا من باب علم الغيب، وليس البناء على إعمال علم الغيب في مقام بيان الأحكام.

وبكلمة اُخرى: إنّ المولى بما هو متكلّم بهذا الكلام لا يمتاز عنّا في تشخيص الموضوعات حتّى يكون كلامه ظاهراً في الإخبار عن الموضوعات.

والخلاصة: أنّ وجوب إكرام زيد يتصوّر بنحوين: أحدهما: وجوب إكرامه حتّى على فرض فسقه، وهذا مقطوع العدم، وثانيهما: وجوب إكرامه لكونه عادلاً، وهذا الوجوب لا يمكن للشارع بيانه إلّا من باب الإخبار عن الموضوعات الخارجيّة بعلم الغيب(1)، وليس هذا من شغله عند بيان الأحكام.

 


(1) على أنّ هذا غير محتمل حينما تكون القضيّة حقيقيّة لا خارجيّة.

ثُمّ إنّ اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) نقل عن المحقّق العراقيّ وجهاً لإبطال التمسّك بالعامّ لإثبات عدم العنوان الخاصّ في الفرد المشكوك بالملازمة، أي: إثبات عدم الفسق في المثال الذي فرضناه، وهو: أنّه كما يكون الفرد المشكوك فسقه مثلاً محتمل الخروج عن دائرة الحكم لأجل الفسق من باب الشبهة الموضوعيّة، كذلك من المحتمل عدم وجوب إكرامه ولو كان عادلاً. فهنا شبهتان: شبهة حكميّة بسبب احتمال عدم وجوب إكرامه حتّى لو كان عادلاً،