المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

290

كان في الواقع فاسقاً، وثانيهما: وجوب إكرامه لكونه غير فاسق أو لكونه عادلاً.

والنحو الأوّل لا يمكن إثباته؛ لما عرفت من أنّه ليس في البين شبهة حكميّة، بل إنّ قسماً من الظهور حجّة يقيناً وقسماً آخر منه غير حجّة يقيناً، لكنّ النحو الثاني يمكن إثباته، والشكّ في خروج زيد من العموم شكّ في التخصيص الزائد فنرجع إلى أصالة العموم، فإنّ الحكم لم يكن منصبّاً من أوّل الأمر على الطبيعة. وليس قوله: (لا تكرم الفسّاق من العلماء) ـ على ما هو المفروض ـ تقييداً للمطلق حتّى يقال: إنّ الثابت هو قيد واحد وبازدياد الفسّاق لا يزداد القيد، بل الحكم منصبّ على الأفراد والتخصيص مُخرِج للأفراد، فبازدياد الفسّاق يزداد التخصيص، فالشكّ في فسق زيد شكّ في تخصيص زائد فندفعه بأصالة العموم ونثبت بذلك عدالة زيد.

وهذه المغالطة ـ كما ترى ـ لا تنحلّ بما أفاده المحقّق النائينيّ(قدس سره)، إلّا أن يرجع كلامه إلى ما مرّ من اختيار مبنيين من بحثين: أحدهما: كون الحكم بمقتضى العموم ثابتاً للأفراد بما هي فرد لعنوان العامّ، وهذا أحد المبنيين من المبحث الأوّل، وثانيهما: كون التخصيص موجباً لتعنون الباقي، وهذا أحد المبنيين من المبحث الثاني. وبالجمع بين هذين المبنيين يتبرهن عدم حجّيّة العامّ في الشبهة المصداقيّة، فإنّ العامّ لا يدلّ إلّا على وجوب إكرام زيد بما هو عالم وهذا مقطوع الكذب، لكنّا لم نقبل المبنى الأوّل، فلابدّ من استيناف البحث.

والتحقيق في إثبات عدم حجّيّة العامّ في الشبهة المصداقيّة أن يقال: إنّه لو اُريد التمسّك بالعامّ فيها بروح النظر إلى الشبهة الحكميّة فقد ظهر من كلماتنا السابقة بما لا مزيد عليه أنّ هذا خلف فرض كون الشبهة مصداقيّة لا مفهوميّة.

ولو اُريد التمسّك بروح النظر إلى الشبهة الموضوعيّة فمعناه إثبات وجوب