المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

289

وقد أصبح هذا الاستدلال على المدّعى في زماننا من المسلّمات، ولكن لو بقي هذا الاستدلال على بساطته كان إشكاله أنّنا نسلّم تركّب الموضوع من جزءين، ونسلّم وقوع الشكّ في الجزء الثاني، ونسلّم عدم معقوليّة إحراز الحكم بدليل لم يحرز موضوعه، لكن يدّعى أنّ الموضوع نحرزه فيما نحن فيه بدليل العامّ وهو: (أكرم كلّ عالم) بعد فرض عدم انثلام ظهوره واحتمال صدقه، وكون صدقه متوقّفاً على عدالة الفرد المشكوك، فذلك من قبيل ما لو صرّح المولى بوجوب إكرام زيد وعلمنا من الخارج أنّه لا يجب إكرام أحد سوى العالم العادل، فإنّه يكشف هذا الكلام ـ لا محالة ـ عن كون زيد عالماً عادلاً، فليكن ما نحن فيه من هذا القبيل، فإنّ العامّ دلّ بعمومه على وجوب إكرام زيد، وهذه الدلالة لم تنثلم؛ لفرض كون المخصّص منفصلاً، ولم تقم حجّة أقوى على خلافها؛ لأنّ الخاصّ ليس حجّة في الفرد المشكوك، فنأخذ بها ونقول: إنّ المولى حكم بوجوب إكرام زيد، ونحن نعلم أنّ زيداً لا يجب إكرامه إلّا إذا كان عادلاً، فيثبت أنّ زيداً عادل ويجب إكرامه.

نعم، لا يمكن التمسّك بالعامّ بروح النظر إلى الشبهة الحكميّة؛ إذ لا شكّ لنا في الحكم بهذا اللحاظ، فإنّا نعلم أنّ ظهور العامّ في وجوب إكرام كلّ عالم انقسم إلى قسمين: أحدهما: وجوب إكرام العلماء العدول، وهذا القسم لا شكّ في حجّيّته، وثانيهما: وجوب إكرام العلماء الفسّاق، وهذا القسم لا شكّ في عدم حجّيّته، وليست هنا حصّة اُخرى للظهور بلحاظ الشبهة الحكميّة كما كان الأمر كذلك في الشبهة المفهوميّة، وإنّما شككنا في أنّ زيداً داخل في الحصّة الاُولى أو في الحصّة الثانية.

لكنّا نتمسّك بالعامّ بروح النظر إلى الشبهة الموضوعيّة؛ إذ للعامّ ظهور فعليّ في وجوب إكرام زيد، ووجوب إكرامه يمكن بنحوين: أحدهما: وجوب إكرامه ولو