المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

282

لمن يريد إثبات حجّيّة العامّ في ذلك، توضيح ذلك: أنّ كون زيد العالم واجب الإكرام يتصوّر بنحوين: أحدهما: أن يكون واجب الإكرام حتّى على تقدير كونه فاسقاً. وثانيهما: أن يكون واجب الإكرام لعدم كونه فاسقاً. ولا يصحّ التمسّك بالعامّ لإثبات الحكم لزيد العالم بالنحو الأوّل؛ لأنّ المفروض هو القطع بخلافه؛ لأنّ الشبهة ليست حكميّة، وإنّما يتمسّك بالعامّ لإثبات ما هو مشكوك لا لإثبات ما قطع بخلافه، فإن صحّ التمسّك بالعامّ فيما نحن فيه فإنّما يصحّ التمسّك به لإثبات الحكم المحتمل بالنحو الثاني، أي: في قبال الشبهة الموضوعيّة لا الشبهة الحكميّة، فالذي ينبغي أن يدّعيه مَن يريد إثبات حجّيّة العامّ في الشبهة المصداقيّة للمخصّص المنفصل هو أن يقول بكون العامّ مثبتاً للحكم بالوجه الثاني، وفي قبال الشبهة الموضوعيّة لا في قبال الشبهة الحكميّة حتّى يثبت وجوب إكرام زيد حتّى على تقدير كونه فاسقاً، وبالنتيجة ينبغي أن يدّعى أنّ العامّ يدلّ على أنّ زيداً ليس بفاسق؛ لحجّيّة مثبتات الأمارات.

إذا عرفت ما ينبغي أن يكون هو محلّ النزاع فيما نحن فيه، وهو ثبوت الحكم بالنحو الثاني وفي قبال الشبهة الموضوعيّة ببركة العامّ وعدمه لا ثبوته بالنحو الأوّل وعدمه، قلنا: إنّ هناك أمرين ينبغي أن ينقّحا في المقام:

الأوّل: أنّ العامّ الدالّ على ثبوت الحكم لكلّ فرد هل يدلّ على أنّ العنوان المأخوذ لتلك الأفراد في العموم هو تمام العنوان الذي يجب أن تكون الأفراد أفراداً له، أو لا يدلّ على شيء من هذا القبيل؟ فمثلاً: (أكرم كلّ عالم) هل يدلّ على أنّ كلّ فرد من أفراد العلماء يجب إكرامه بما هو فرد للعالم فحسب، أو لا يدلّ إلّا على ثبوت الحكم لكلّ أفراد العالم من دون نظر إلى أنّ الوصف العنوانيّ هو تمام المقياس لثبوت الحكم على الفرد، فالعموم ـ كعموم ـ لا يدلّ إلّا على وجوب إكرام جميع أفراد