المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

279

وقد قيّد قول المولى: (أكرم العالم) بقوله: (لا تكرم فسّاق العلماء) وقع السؤال عن أنّ التمسّك لإثبات الحكم هل هو بثبوت الموضوع المفهوم من ظاهر قوله: (أكرم العالم)، أو بثبوت الموضوع الذي علمناه موضوعاً للحكم بعد التقييد؟ فإن كان الأوّل، أي: الموضوع المفهوم من ظاهر المطلق، فقد علمنا كذبه، فكيف نتمسّك به؟ وإن كان الثاني، أي: موضوع الحكم الحقيقيّ، فنحن لم نحرز انطباقه على الفرد المشكوك فسقه.

وأمّا العامّ فلو طرح علينا فيه نفس السؤال لقلنا: إنّنا نتمسّك بنفس ما يكون العامّ ظاهراً فيه، وهو ثبوت الحكم على هذا الفرد مباشرةً؛ لأنّنا لم نعلم بكذبه؛ إذ نحتمل بقاء هذا الفرد تحت العامّ ولو بسبب أنّه ليس في علم الله فاسقاً، ولا حجّة أقوى على خلاف ذلك(1).

هذا، ولعلّ ما ذكره السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ هنا ناش من مبنى عدم تفرقته بين العموم والإطلاق من هذه الناحية، أعني: أنّ العموم استيعاب للأفراد، والإطلاق رفض لخصوصيّة الأفراد وباقي الخصوصيّات عن الطبيعة(2).

وبعد هذا نقول: إنّ غالب الأمثلة التي يذكرونها في هذا المقام خارج عن المقام وداخل في باب الإطلاق والتقييد، فمثلاً يذكرون في مقام المثال: (أكرم كلّ عالم) و(لا تكرم فسّاق العلماء)، مع أنّ قوله: (أكرم كلّ عالم) لا يدلّ بالعموم على شمول الفسّاق حتّى يكون قوله: (لا تكرم فسّاق العلماء) تخصيصاً له.

وتوضيح ذلك: أنّ الحقّ في أداة العموم أنّها تدلّ على استيعاب الأفراد الجزئيّة



(1) ولا يخفى أنّ هذا الوجه للاستدلال غير الوجه الذي نقلناه.

(2) فكأنّ الفرق بينهما عبارة فقط عن أنّ العموم لفظيّ والإطلاق حكميّ.