المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

207

لعالم الثبوت، ومقتضى تطابقهما كون المراد الاستعماليّ للمولى نفس الماهيّة الجامعة بين المطلق والمقيّد بلا دخل أيّ خصوصيّة في ذلك، وإن كانت الخصوصيّة دخيلة في المراد الجدّيّ يقيناً؛ فإنّ وجوب إكرام العلماء ناش من ملاك خاصّ بلا إشكال.

وبكلمة اُخرى: إنّ قوله: (يجب إكرام العلماء إلّا الفسّاق) في جريان الإطلاق كقوله: (أستثني الفسّاق من وجوب الإكرام)، ولا ينبغي أن يقاس بمثل: (يجب إكرام العلماء) بدون ضمّ الاستثناء إليه.

فتحصّل: أنّه كما يكون الاستثناء من النفي دالّاً على المفهوم كذلك يكون الاستثناء من الإيجاب أيضاً دالّاً على المفهوم(1)، فلو ورد: (إن جاءك زيد وجب إكرام جميع العلماء) كان ذلك معارضاً لقوله: (يجب إكرام العلماء إلّا الفسّاق).

الثانية: أنّه لا إشكال في أنّ الحكم في قوله: (يجب إكرام العالم إلّا الفاسق) مقيّد بالإكرام المقيّد بالعالم، فهل الثابت في جانب المفهوم انتفاء طبيعة وجوب إكرام العالم بما هو عالم بالنسبة للفاسق، أو انتفاء طبيعة وجوب إكرام العالم



(1) يبقى الإشكال بأنّ الاستثناء لعلّه يحصّص النسبة في المستثنى منه، فلا يبقى له مفهوم كما مضى شرحه بالنسبة لأيّ نسبة ناقصة تندكّ في جنب النسبة التامّة.

وجواب ذلك وارد في تقرير السيّد الهاشميّ (حفظه الله) لبحث اُستاذنا الشهيد (الجزء الثالث، بحث مفهوم الاستثناء، ص 213 ـ 214) وهو: أنّ الاستثناء من شؤون النسب التامّة الحقيقيّة في الذهن، وأمّا في الخارج فلا اقتطاع ولا حكم، فهي كالعطف والإضراب ونحو ذلك من النسب الثانويّة الذهنيّة، وليست أوّليّة خارجيّة كي تكون ناقصة، ويشهد لذلك الوجدان القاضي بأنّ كلام المتكلّم إذا خالف الواقع في جملة المستثنى والمستثنى منه معاً كما إذا قال: (كلّ إنسان أسود إلّا الزنجيّ) كان المتكلّم قد كذب بذلك كذبتين.