المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

206

فإنّه من الواضح أنّ قوله: (لا يجب إكرام العلماء) نفي لطبيعة وجوب إكرام العلماء، وأنّ قوله: (إلّا الفقيه) رفع لذلك، فهو إثبات لوجوب الإكرام بالنسبة للفقيه.

وأمّا في الاستثناء عن الإيجاب ـ مثل: (يجب إكرام العلماء إلّا الفسّاق) ـ: فيقع الكلام من جهتين:

الاُولى: ما قد يقال: من أنّه وإن كان الاستثناء من الإيجاب سلباً لما مضى، لكن يمكن مع ذلك إنكار أصل دلالته على المفهوم؛ وذلك لأنّ قوله: (يجب إكرام العلماء) في نفسه لا يجري فيه مقدّمات الحكمة لإثبات كون المراد طبيعة الوجوب من حيث هي بلا لحاظ خصوصيّة، وقوله: (إلّا الفسّاق) ليس إلّا نفياً لما ثبت في جملة المستثنى منه، ولم يثبت كون المراد الاستعماليّ في جملة المستثنى منه طبيعيّ الوجوب على الإطلاق حتّى يثبت انتفاء مطلق الوجوب بالنسبة للفسّاق منهم، بل من المحتمل كون الوجوب الخاصّ منتفياً بالنسبة لهم، ولا ينافي ذلك ثبوت وجوب آخر بالنسبة لهم.

وحلّ هذا الإشكال: أنّ الإطلاق إنّما لا يجري في النسبة الثابتة في جملة المستثنى منه في حدّ نفسها ومع قطع النظر عن الاستثناء؛ لعدم نتيجة لجريان الإطلاق فيها، لكن بما أنّها تكون جملة مستثنى منها ووقع الاستثناء بقوله مثلا: (إلّا الفسّاق) يجري الإطلاق لكونه منتجاً، فنقول: إنّ قوله: (يجب إكرام العلماء) بحسب عالم اللفظ لا يدلّ إلّا على ماهيّة الوجوب الجامعة بين المطلق والمقيّد، وقوله: (إلّا الفسّاق) استثناء من المراد الاستعماليّ في جملة المستثنى منه، فبحسب عالم اللفظ يكون (الفسّاق) مستثنى من ماهيّة الوجوب الجامعة بين المطلق والمقيّد، فلو كان مراده الاستعماليّ استثناء ذلك من وجوب خاصّ، والمفروض عدم ذكر تلك الخصوصيّة في اللفظ يلزم عدم تطابق عالم الإثبات