المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

205

 

مفهوم الاستثناء

إنّ أداة الاستثناء تارةً تقع وصفاً للموضوع، كما في كلمة (غير) وكذلك كلمة (إلّا) في بعض استعمالاتها، كقوله تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾، واُخرى لا تقع وصفاً له، بل تستعمل لإخراج بعض الأفراد عن الموضوع، وذلك إخراج لها عنه بوصف أنّه موضوع ويترتّب عليه الحكم، لا إخراج عن ذات الموضوع بأن يقيّد المراد الاستعماليّ، وإلّا لرجع إلى القسم الأوّل وليس الأمر كذلك، ولذا ترى أنّه لا مجازيّة في مثل قولك: (أكلت الدجاجة إلّا رأسها)، مع أنّ شمول الدجاجة للرأس مستفاد من نفس وضع كلمة (الدجاجة)، فلو كانت كلمة (إلّا) استعملت لإخراج الرأس عن ذات المعنى الاستعماليّ لـ (الدجاجة) لزم المجاز، ولم يقل أحد بكون الاستثناء مجازاً ولا مجال لتوهّم المجازيّة.

والخلاصة: أنّه تارةً: يقيّد الموضوع في حدّ ذاته بأداة الاستثناء فيحكم على ما يتحصّل من ذلك بحكم، واُخرى: يحكم على الموضوع بحكم ثمّ يخرج بأداة الاستثناء بعض الأفراد عن الموضوع بوصف أنّه موضوع كما هو الغالب في كلمة (إلّا):

أمّا القسم الأوّل: فلا يزيد عن الوصف وليست فيه نكتة زائدة، فالكلام فيه عين الكلام في مفهوم الوصف.

وأمّا القسم الثاني: فيظهر حاله ممّا عرفت من أنّ أداة الاستثناء المستعملة على النحو الثاني تخرج المستثنى عن الموضوع المستثنى منه لا بما هو، بل بما هو موضوع وحكم عليه الحكم، فلا محالة تدلّ على ارتفاع الحكم السابق عنه، فلا محالة يكون الاستثناء عن الإيجاب سلباً وعن السلب إيجاباً فيثبت المفهوم:

أمّا في الاستثناء عن السلب: فواضح مثل: (لا يجب إكرام العلماء إلّا الفقيه)،