المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

202

القيد بأن يقال: إنّ ما صدر من المولى من جعل إكرام العالم العادل ليس بتمامهـ من القيد والمقيّد ـ متمحّضاً في التوصّل إلى الملاك الثابت في المتعلّق، بل هناك ملاك في نفس التقييد، وهذا خلاف الظاهر، فإنّ ظاهر الحكم بحصّة خاصّة من وجوب شيء أو حرمته مثلا هو أنّ الداعي إلى جعل هذه الحصّة الخاصّة إنّما هو ملاك المتعلّق، من دون دخل ملاك ثابت في نفس الجعل أو تحصيصه، ويكون تعدّد الجعل وتحصيصه مع فرض ثبوت الحكم لجميع الأفراد لغواً، إلّا إذا كان ملاك في نفس تعدّد الجعل وتحصيصه وهذا خلاف ذلك الظهور.

وما ادّعيناه من ذلك الظهور ـ أعني: ظهور عدم كون التعدّد والتحصيص لملاك في نفس ذلك ـ إنّما هو في فرض(1) كون التحصيص بعنوان زائد كقوله: (أكرم العالم العادل)، لا في فرض كون التحصيص بما يؤوّل بعد التحليل إلى عنوان زائد، كقوله: (أكرم الرجل) الراجع بعد التحليل إلى قولنا: (أكرم الإنسان المذكّر)، فقوله: (أكرم الرجل) لا يدلّ على عدم وجوب إكرام كلّ إنسان على نحو السالبة الجزئيّة، وهذا هو الوجه في الفرق بين الوصف وغيره من اللقب والعدد.

هذا كلّه بناءً على أنّ الحكم عبارة عن الجعل والاعتبار ـ كما هو المختار ـ وهو فعل اختياريّ للمولى.

أمّا بناءً على كون الحكم الشرعيّ عبارة عن نفس الحبّ والبغض وإنكار وجود حلقة وسطى بين الإرادة والإبراز ـ وهي الحلقة المسمّاة بالجعل والاعتبار ـ فالوصف أيضاً يكون حاله حال اللقب؛ إذ من الممكن ثبوت إرادات متعدّدة، أو قل: ثبوت الشوق والكره المتعدّد بتعدّد العناوين التي يتّصف بها العالم، بأن يكون في كلّ من تلك العناوين ملاك يخصّه يوجب الحكم عليه بالإكرام، ولا مجال هنا لإشكال اللغويّة كما لا يخفى.



(1) بل هذا الظهور ثابت مطلقاً. نعم، هو في اللقب أضعف منه في الوصف، وفي الوصف أضعف منه في العدد.