المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

197

 

مفهوم الوصف

التحقيق: عدم ثبوت المفهوم للوصف؛ وذلك لأنّ اقتناص المفهوم ـ كما عرفت ـ يتوقّف على جريان الإطلاق في الحكم، ولا إشكال في جريانه في القضايا الشرطيّة كما مرّ، وأمّا في القضايا الوصفيّة كقولنا: (أكرم العالم العادل) فلا مجال لجريانه؛ إذ العادل قيد لـ (العالم)، والعالم قيد لـ (أكرم)، وقيد القيد قيد، فلا محالة يكون الحكم مقيّداً.

وبتعبير فنّيّ نقول: إنّ الفرق بين القضيّة الشرطيّة والوصفيّة هو أنّ في قولنا مثلا: (إن كان العالم عادلا فأكرمه) تكون النسبة الطلبيّة أو البعثيّة بين الإكرام والمخاطب غير مقيّدة في حدّ ذاتها بالعدالة؛ إذ التقييد بذلك نشأ من ناحية تعليق هذه النسبة التامّة على ذلك، فلا يعقل كون ذات المعلّق مقيّداً بذلك، وتعليق وجوب إكرام العالم العادل على العدالة ممّا لا معنى له كما هو واضح. وهذا بخلاف قولنا: (أكرم العالم العادل)؛ إذ في هذا الكلام توجد نسبتان: نسبة تامّة بين الإكرام والمخاطب وهي النسبة البعثيّة أو الطلبيّة، ونسبة ناقصة بين الإكرام والعالم العادل، ومهما اجتمعت النسبة التامّة والناقصة على شيء، بأن كان شيء واحد طرفاً لكلتا النسبتين فلا محالة تندكّ النسبة الناقصة في جنب النسبة التامّة وتقع طرفاً لها، ولذا ترى عدم وجود نقصان في الكلام، وإذا كان كذلك فأحد طرفي النسبة البعثيّة أو الطلبيّة في هذا المثال هو إكرام العالم العادل والطرف الآخر هو المخاطب، وغاية ما يلزم من انتفاء الوصف هو انتفاء هذا الوجوب الخاصّ، وأيّ مجال لإجراء الإطلاق بعد أن كان الحكم مقيّداً بخصوص العالم العادل بمعنى دخوله في أحد طرفيه؟ هذا هو الذي ينبغي أن يقال فيما نحن فيه وقد مضى ذلك في خلال مباحث مفهوم الشرط.