المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

194

مستفاداً من أصالة التطابق بين مقام الإثبات والثبوت، لكنّ الظهور في تعلّق الوجوب بنفس الوضوء مقدّم على ظهور المادّة في عدم التحصيص؛ لأنّ الأوّل مستفاد من أصالة تطابق عالم الإثبات مع عالم الثبوت، بمعنى أنّ ما هو موجود فيه موجود في عالم الثبوت أيضاً، والثاني مستفاد من أصالة تطابقهما، بمعنى أنّ ما هو غير موجود في عالم الإثبات غير موجود في عالم الثبوت أيضاً، وأصالة تطابق الوجود مع الوجود أقوى من أصالة تطابق العدم مع العدم، كما هو ثابت ارتكازيّاً عند العلماء، ولذا يقدّمون المقيّد على المطلق عند تعارضهما، ولا يتصرّفون في ظهور المقيّد بحمله على بيان بعض الأفراد لنكتة.

وفي نهاية هذا التنبيه نشير إلى أنّ التعارض في ناحية تداخل السبب وعدمه، والتعارض في ناحية تداخل المسبّب وعدمه كلاهما معاً في الحقيقة تعارض واحد ذو أطراف ثلاثة: الأوّل: الظهور المقتضي لعدم التداخل في الأسباب. الثاني: ظهور القضيّة في كون متعلّق الحكم نفس الوضوء مثلا. الثالث: إطلاق المادّة. فإن رفعنا اليد عن الأوّل ثبت التداخل في الأسباب، وإن رفعنا اليد عن الثاني ثبت التداخل في المسبّبات، وإن رفعنا اليد عن الثالث لم يتحقّق التداخل لا في الأسباب ولا في المسبّبات.

وقد ظهر ممّا مضى: أنّ الظهور الثاني والثالث ثابتان في حدّ أنفسهما دائماً، وأمّا الظهور الأوّل ففي بعض الموارد غير ثابت في نفسه، فيثبت التداخل في الأسباب، وفي بعض الموارد ثابت في نفسه، وعندئذ نرفع اليد عن الظهور الثالث؛ لأقوائيّة الظهور الأوّل منه بكونه ظهوراً وضعيّاً، والظهور الثاني منه بكونه مستفاداً من أصالة تطابق الوجود مع الوجود، بخلاف الظهور الثالث، فإنّه مستفاد من أصالة تطابق العدم مع العدم، فيثبت عدم التداخل في كلتا الجهتين.