المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

192

وإذا قيّد أحدهما أو كلاهما بذلك كان من الواضح عدم إمكان امتثالهما بفرد واحد؛ لاستحالة كون ذلك الفرد هو وفرداً آخر، والمفروض أنّ أحد المتعلّقين أو كليهما مقيّد بعنوان (الآخر)، فأحدهما المقيّد بذلك لا ينطبق على هذا الفرد، وإنّما ينطبق عليه أحدهما غير المقيّد، وإذا فرض تقيّد كليهما فشيء منهما لا ينطبق عليه وإن كان يسقط به أحد الحكمين لا محالة؛ لحصول غرض واحد ويبقى حكم واحد على الإجمال.

والوجه فيما ذكرناه: من أنّه إذا كان أحدهما مقيّداً والآخر غير مقيّد تعيّن هذا الفرد مصداقاً لغير المقيّد دون المقيّد واضح، وهو: أنّ انطباق غير المقيّد عليه خال عن المانع، وبانطباقه عليه يثبت خروجه عن تحت متعلّق الحكم الآخر؛ لفرض تقيّده بكونه غير ما يمتثل به الأوّل، وهذا الفرد هو الذي يمتثل به الأوّل. وعلى أيّة حال فالنتيجة: أنّه بمقتضى تقيّد أحدهما أو كليهما بعنوان (الآخر) يستحيل تداخل المسبّبات. هذا.

ولكن في قبال هذا التقريب يقال: إنّه ليس رفع غائلة اجتماع المثلين منحصراً بفرض أحد الحكمين مقيّداً بعنوان (الآخر)، بل يمكن رفعه بفرض أنّ الوجوبين للوضوء مثلا يكون كلّ واحد منهما متعلّقاً بعنوان غير متعلّق الآخر، بحيث أنّ هذين العنوانين وإن اتّحدا في لوح الوجود الخارجيّ لكنّهما علاوة على تعدّدهما في لوح الاعتبار والتشريع متعدّدان في حقيقتهما الواقعيّة، بأن يفرض مثلا أنّ الواجب بالنوم عنوان رفع حالة نفسانيّة خاصّة حاصلة من النوم، والواجب بالبول عنوان رفع حالة نفسانيّة خاصّة اُخرى غير الحالة الاُولى حاصلة بالبول، فترتفع بذلك غائلة اجتماع المثلين بدون لزوم ارتكاب التحصيص ورفع اليد عن إطلاق المادّة، ويتحقّق امتثال كلا الحكمين بوضوء واحد؛ لتصادق العنوانين في الخارج