المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

191

إليه من وجود الظهور المقتضي لعدم التداخل على الإطلاق، بل هو ثابت فيخصوص فرض التعاقب وكون الجزاء فعلا، فما ادّعاه المشهور من أنّ مقتضى القاعدة عدم التداخل مطلقاً، وكذا ما ادّعاه غيرهم من أنّ مقتضى القاعدة التداخل مطلقاً غير صحيح، بل الصحيح هو التفصيل كما عرفت.

وفي نهاية المطاف ننبّه على أنّ ذكرنا لمثال (توضّأ) أو (اغتسل) إنّما هو من باب المثال، كأن يفرض أنّ الوضوء أو الغسل بنفسه حكم تكليفيّ يثبت عند النوم أو الجنابة.

وفي الحقيقة ليس مثال الوضوء أو الغسل دالّاً على الحدوث عند الحدوث؛ لأنّ قوله: (توضّأ) أو (اغتسل) إرشاد إلى ثبوت الحدث لا أمر مولويّ، فحاله في هذه الجهة حال مثال: (إذا خفي الأذان فقصّر) والذي قلنا فيه: إنّه بمنزلة غير الجملة الفعليّة ولا يدلّ على الحدوث.

وعلى أيّة حال فقد تحصّل: أنّ الصحيح في مورد اجتماع الظهور الذي ينفي التداخل والظهور الذي يقتضي التداخل هو أنّ القضيّتين تدلاّن على عدم التداخل.

هذا كلّه بحسب القاعدة. وأمّا فرض قيام دليل خاصّ على التداخل ـ كما في الوضوء أو الأغسال ـ أو على عدمه ـ كما في كفّارات الإحرام ـ فهو مطلب آخر.

 

تحقيق المطلب في تداخل المسبّبات:

وأمّا المقام الثاني ـ وهو تداخل المسبّبات وعدمه الذي هو في الحقيقة عبارة عن التداخل في عالم الامتثال وعدمه بعد الفراغ عن فرض تعدّد الحكم ـ: فهنا يمكن استظهار عدم التداخل؛ لأنّ الوجوبين بما أنّهما متماثلان ولا يجتمعان على شيء واحد لابدّ أن يقيّد أحدهما أو كلاهما بكون متعلّقه غير ما يمتثل به الآخر،