المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

189

يمتثل الحكم الأوّل بعد السبب الثاني، وإنّما الكلام بينهما في أنّه هل حدث حكم ثان أو لا؟ فمثلا: إذا حدثت الجنابة ثمّ حدث مسّ الميّت فلا إشكال في صحّة غسل الجنابة بعد حدوث مسّ الميّت، وإنّما الكلام في أنّه هل عليه حكم آخر لأجل مسّ الميّت بحسب القاعدة، أو أنّ مقتضى القاعدة هو التداخل وعدم حدوث حكم آخر، وهذا كما ترى شاهد على أنّ بقاء الحكم الأوّل مفروغ عنه وإلّا لم يعقل امتثاله بعد السبب الثاني؛ لفرض ارتفاعه بالسبب الثاني أو قبله.

إن قلت: سلّمنا ذلك، لكن لو فرض تقييد شرطيّة الشرط في القضيّة الثانية بعدم مسبوقيّته بالشرط الأوّل ارتفعت المعارضة، فإطلاق الشرط من ناحية مسبوقيّته بالشرط الأوّل وعدمها داخل في دائرة المعارضة، فقد وقعت المعارضة أيضاً بين إطلاقين: إطلاق الشرط من هذه الناحية، وإطلاق المادّة في الجزاء، ولا مرجّح فنّيّاً لأحدهما على الآخر.

قلت: إذا دار الأمر بين كذب أحد هذين الإطلاقين فإطلاق مادّة الجزاء معلوم الكذب تفصيلا إمّا تخصيصاً أو تخصّصاً؛ إذ لو كان إطلاق الشرط وشموله لحال مسبوقيّته بالشرط الأوّل صادقاً فإطلاق مادّة الجزاء كاذب تخصيصاً، ولو كان إطلاق الشرط كاذباً فإطلاق مادّة الجزاء كاذب تخصّصاً؛ لانتفاء موضوعه؛ إذ في حال المسبوقيّة بالشرط الأوّل لاجزاء على الفرض حتّى يكون لمادّته إطلاق، وبكلمة اُخرى نقول: إنّ تقديم إطلاق الشرط على إطلاق مادّة الجزاء ممكن، لكنّ العكس غير ممكن؛ إذ التحفّظ على إطلاق مادّة الجزاء المستلزم لسقوط إطلاق الشرط مستلزم لسقوط نفس إطلاق مادّة الجزاء وعدم التحفّظ عليه؛ لارتفاع موضوعه برفع اليد عن إطلاق الشرط، وما يلزم من وجوده عدمه باطل.

إن قلت: لا نسلّم أنّ رفع اليد عن إطلاق الشرط وشموله لفرض المسبوقيّة