المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

188

العرفيّ يقتضي كون الإطلاق الثابت في ناحية الشرط مقدّماً على الإطلاق الثابت في ناحية الجزاء. ويمكن أن تكون النكتة في ذلك أنّ الجزاء تابع للشرط ثبوتاً فتابَعه إثباتاً أيضاً، ولكن هذا البيان كما ترى ليس فنّيّاً وإنّما هو صرف دعوى لأقوائيّة أحد الظهورين، وإن كان لا يبعد صحّتها في نفسها. وعلى أيّة حال فلا يهمّنا ذلك؛ إذ نحن لم نجعل الظهور الدالّ على عدم التداخل عبارة عن هذا الظهور ولا المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) قَبِل هذا الظهور، وإنّما الظهور المقبول في الجملة عندنا ومطلقاً عنده هو الظهور في الحدوث عند الحدوث وهو ظهور وضعيّ عرفيّ، فيتقدّم على إطلاق مادّة الجزاء بالأقوائيّة.

إن قلت: إنّ هذا التقريب إنّما يتمّ في فرض تقارن الشرطين حدوثاً بعد فرض ثبوت الظهور الموجب لعدم التداخل في هذا الفرض، وأمّا في فرض تعاقبهما فقد مضى أنّ صرف ظهور القضيّة في حدوث أصل الحكم عند الحدوث لا يكفي في مقام المعارضة، بل نحتاج إلى الإطلاق الأزمانيّ للقضيّة الاُولى لإثبات دوام حكمها إلى حين تحقّق الشرط الثاني، فتقع المعارضة بين الإطلاقين.

قلت: إنّ هذا الكلام وإن كان تامّاً لا إشكال فيه بالنسبة لأصل المطلب لكن في خصوص القضايا التي تكون محلّ ابتلائنا ـ أعني: المسائل الفقهيّة ـ لا نحتاج إلى إثبات بقاء الحكم الأوّل بالإطلاق حتّى يقال: إنّه وقع التعارض بين الإطلاقين، بل نقطع فقهيّاً بالبقاء، ولذا ترى أنّه إنّما وقع النزاع بين الطائفتين في أنّه هل يتحقّق بعد السبب الثاني حكمان فيمتثلان بامتثالين أو بامتثال واحد بناءً على تداخل المسبّب، أو أنّ السببين يتداخلان فالحكم الثابت بعد السبب الثاني مستند إلى كلا السببين: إمّا بصيرورة كلّ منهما جزء السبب، أو بكون كلّ منهما سبباً لحدّ من حدود الحكم، ولكن على كلا الفرضين تتسالم كلتا الطائفتين على أنّه يمكن أن