المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

187

وما أفاده(قدس سره) في غاية المتانة؛ وذلك لأنّه بعد أن فرضنا أنّ الظهور الأوّل المقتضي لعدم التداخل عبارة عن الظهور في الحدوث عند الحدوث، وأنّ هذا يقتضي عدم التداخل إمّا مطلقاً ـ كما هو مختار صاحب الكفاية ـ أو في دائرة الشروط الثلاثة التي نحن بيّنّاها، أعني: فرض كون الجزاء فعلا، وتحقّق الشرطين على التعاقب لا بالاقتران منذ البدء، ودلالتها بالإطلاق على دوام الحكم الأوّل إلى زمان الشرط الثاني، قلنا: إنّ هذا الظهور في دائرة تأثيره وضعيّ عرفيّ، في حين أنّ الظهور الثاني ظهور إطلاقيّ؛ لإمكان حمل القضيّة الثانية على إرادة حصّة خاصّة من مادّة الجزاء ولو بعنوان (فرد آخر)، والدافع لهذا الحمل إنّما هو الإطلاق، والظهور الوضعيّ أقوى من الإطلاق أو الظهور الحكميّ.

ولا أقصد بذلك أنّ الظهور الوضعيّ دائماً أقوى من الظهور أو الإطلاق الحكميّ، بل ربّما ينقلب الأمر أو يتساويان، وإنّما أقصد أنّ الظهور الوضعيّ بطبيعته أقوى من الظهور الحكميّ بطبيعته، وأنّ العكس أو التساوي قد ينبع من نكات خاصّة حاليّة أو مقاليّة، وبما أنّه لا توجد في المقام نكتة خاصّة، فالصحيح تقديم الظهور الأوّل الوضعيّ على الظهور الثاني الحكميّ، وبهذا يثبت أنّ الأصل لدى تعدّد الشرط واتّحاد الجزاء هو عدم التداخل في الأسباب.

نعم، لو قلنا: إنّ الظهور الأوّل المقتضي لعدم التداخل هو الظهور في العلّيّة التامّة؛ لأنّه مع التداخل يصبح كلّ من الشرطين جزء علّة أو يصبح أحدهما علّة لتأكّد الحكم وحدّه لا لذات الحكم، فهذا الظهور أيضاً إطلاقيّ، وذلك بسبب الإطلاق الأحواليّ، فقد يقال: لا مبرّر لتقدّمه على الظهور الثاني.

ولكن قد يقول قائل هنا أيضاً: إنّ ظهور القضيّة في العلّيّة التامّة للشرط مقدّم على ظهور المادّة في عدم التحصيص رغم أنّهما معاً إطلاقيّان، بدعوى: أنّ الذوق