المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

184

ويرد عليه: أنّ نسبة الوجوب إلى الفعل الصادر من المكلّف ليست نسبة العلّة إلى المعلول، وقياس ذلك بباب العلل التكوينيّة قياس مع الفارق، وليس التحصيص في الطبيعة حاصلا من نفس كونها معلولة لهذا الوجوب أو ذاك الوجوب، بل إنّما يلزم الإتيان بحصّتين لو فرض تعلّق الوجوب بحصّتين، وهو خلاف الإطلاق. وأمّا لو فرض تعلّق كلّ من الوجوبين بذات الطبيعة فبعد فرض أنّ الوجوب بنفسه ليس علّة للامتثال فالطبيعة لا تتحصّص في طول هذا الوجوب ضمن فرد مّا تحصُّص المعلول بعلّته، ويكون اجتماع وجوبين على الطبيعة اجتماعاً للمثلين وهو مستحيل.

فتحصّل: أنّ الحقّ تسليم الظهور المقتضي للتداخل.

وأمّا المبحث الثالث ـ وهو أنّه لو سلّم كلا الظهورين فما هو مقتضى حلّ المعارضة؟ ـ: فقد أفاد المحقّق الخراسانيّ(قدس سره) في الكفاية أنّ الظهور الأوّل مقدّم على الظهور الثاني من ناحية كون الظهور الثاني بلحاظ عدم التحصيص بمقدّمات الحكمة، ومن مقدّماتها عدم البيان، والظهور الأوّل ـ الذي ليس بمقدّمات الحكمة ـ بيان رافع لموضوع الظهور الثاني(1).

أقول: لا يخفى أنّه إن جعل الظهور الأوّل عبارة عن ظهور القضيّة في كون الشرط علّة تامّة لأصل الحكم فهو أيضاً بمقدّمات الحكمة؛ إذ التماميّة لم تستفد من ظهور وضعيّ أو عرفيّ، وإنّما استفيدت من الإطلاق الأحواليّ.

وأمّا إن جعل عبارة عن ظهور القضيّة في حدوث أصل الحكم عند حدوث



(1) راجع الكفاية، ج 1، ص 318 بحسب الطبعة المشتملة في حاشيتها على تعاليق المشكينيّ.