المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

180

لأجل تفطّنه إلى ما ذكرناه، أو لأجل ما اختاره من عدم دلالة القضيّة الشرطيّةأساساً على العلّيّة، فعدل عن دعوى الظهور في العلّيّة التامّة لأصل الحكم إلى دعوى الظهور في الحدوث عند الحدوث، وهذا الظهور ـ بعد ضمّه إلى دعوى ظهور القضيّة في كون الحادث أصل الحكم لا تأكّده، بدلا عمّا مضى من دعوى ظهورها في كون المعلول أصل الحكم لا تأكّده ـ يقتضي أنّه إذا نام ثمّ بال مثلا وجب عليه الوضوء مرّتين؛ إذ لو لم يجب عليه الوضوء إلّا بالسبب الأوّل وهو النوم مثلا لزم عدم حدوث أصل الحكم عند حدوث البول، وهو ينافي ظهور القضيّة في الحدوث عند الحدوث أو في كون الحادث أصل الحكم لا تأكّده.

والتحقيق: أنّ ظهور القضيّة في الحدوث عند الحدوث إنّما يكون ثابتاً فيما إذا كان الجزاء فعلا كما في قولنا مثلا: (إن جاءك زيد فأكرمه)؛ لما أثبتناه في محلّه من دلالة الفعل على الحدوث. وأمّا إن لم يكن فعلا كما في قولنا مثلا: (إن جاءك زيد فإكرامه واجب)، أو كان فعلا لكن كان ملحقاً بفرض عدم الفعليّة لنكتة، كما في مثل: (إذا خفي الأذان فقصّر)، حيث إنّه وإن كان بلسان الأمر لكنّه في الحقيقة ليس من أدلّة تشريع الصلاة ولا إيجاباً على حدة لذات التقصير، بأن يكون أصل الصلاة واجباً والتقصير واجباً آخر، بل هو إرشاد إلى كون الصلاة قصراً، فكأنّما قال: (إذا خفي الأذان فالصلاة قصر)، فلا دلالة في القضيّة على الحدوث عند الحدوث.

إن قلت: إنّنا وإن كنّا نسلّم في الجملة الاسميّة بعدم الدلالة على الحدوث، لكنّا لا نسلّم كون مثل الأمر بالتقصير في قوله: (إذا خفي الأذان فقصّر) غير دالّ على الحدوث، فإنّه وإن كان إرشاداً إلى كون الصلاة قصراً لكنّه قد أرشدنا إلى ذلك بلغة الفعل، والفعل يدلّ على الحدوث.

قلت: إنّ الحدوث المستفاد من الفعل الماضي أو المستفاد من المستقبل غير