المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

174

وعلى هذا فليس الشكّ متمحّضاً في دائرة الامتثال حتّى لا تجري البراءة، بل مرجع الشكّ في تداخل المسبّبات وعدمه إلى الشكّ في أنّ كلاًّ من التكليفين هل يكون متعلّقاً بخصوص الحصّة المغايرة للحصّة التي تعلّق بها التكليف الآخر، أو أنّ دائرة التكليف أوسع من ذلك، فيكون كلّ من التكليفين متعلّقاً بما يشمل الفرد الداخل في الحصّة التي تعلّق بها التكليف الآخر، فقد وقع الشكّ في سعة دائرة التكليف وعدمها، نظير ما لو علمنا بوجوب إكرام لكن شككنا في أنّه هل يجب خصوص إكرام العالم العادل أو لا ؟ فتجري البراءة، كما هو الحال في جميع موارد دوران الأمر بين التعيين والتخيير.

فتحصّل: أنّه إذا قطعنا بعدم تداخل الأسباب وشككنا في تداخل المسبّبات وعدمه كان مقتضى الأصل ما يساوق التداخل؛ إذ إنّه وقع الشكّ في أنّ كلّ واحد من التكليفين هل يكون واسعاً بنحو ينطبق متعلّقه على هذا الفرد الذي بيد المكلّف، أو يكون التكليف مضيّقاً ومتعيّناً فيما لا ينطبق عليه، فتجري البراءة عن الوجوب التعيينيّ على تفصيل يظهر ممّا يأتي إن شاء الله.

الجهة الثالثة: في أنّه إذا كان الحكم قابلا للتعدّد من ناحية قابليّة المتعلّق للتعدّد والتكرار في الوجود كما في مثال (الوضوء) و(الإكرام)، فلا إشكال في دخوله في محلّ النزاع.

وأمّا إذا لم يكن قابلا للتعدّد من هذه الناحية كما في الفسخ والقتل ونحو ذلك فهذا ينقسم إلى قسمين:

الأوّل: أن يكون الحكم قابلا للتعدّد ـ رغم عدم إمكان تكرّر وجود المتعلّق ـ وذلك لوجود مزيّة رافعة لإشكال لزوم اللغويّة في تعدّد الحكم، كما في الجواز الحقّيّ المتعلّق بالقتل لمن قتل أبوه أو ابنه، فلو فرض شخص قتل أبا شخص وابن