المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

173

وأمّا إذا علم بعدم تداخل الأسباب وثبوت حكمين وشكّ في تداخل المسبّبات وكفاية امتثال واحد وعدمه فذهب المحقّق النائينيّ(رحمه الله) إلى أنّ المرجع عندئذ هو أصالة الاشتغال؛ للقطع بثبوت تكليفين والشكّ في تحقق امتثالهما معاً بامتثال واحد(1).

ويرد عليه: أنّه تارةً: يفرض أنّ متعلّق التكليفين المعلومين متباينان ولكن ما فعله المكلّف يحتمل أن يكون الشارع جعله مسقطاً لكليهما، ففي هذا الفرض أفادوا أنّ المرجع أصالة الاشتغال، ومختارنا أنّ المرجع استصحاب بقاء التكليف(2)، واُخرى: لا يكون الأمر من هذا القبيل وذلك كما فيما نحن فيه، فإنّ مَن يدّعي تداخل المسبّبات لا يقول بأنّ متعلّق التكليفين متباينان ولكنّ الشارع جعل الفعل الواحد مسقطاً لكليهما، وإنّما يدّعي سقوطهما بهذا الفعل الواحد بدعوى أنّهما ليسا متباينين بل متساويان أو بينهما عموم من وجه، أي: أنّ كلاًّ من الحكمين تعلّق بحصّة خاصّة لكنّ الحصّتين تكون النسبة بينهما التساوي كـ (الإنسان) و(الضاحك)، أو العموم من وجه كـ (الإنسان) و(الأبيض)، وذلك الفعل الواحد يكون مجمعاً لكلا العنوانين فيسقط به كلا الحكمين.



(1) راجع فوائد الاُصول، ج 1 ـ 2، ص 490 بحسب طبعة مؤسّسة النشر الإسلاميّ التابعة لجماعة المدرّسين بقم، وأجود التقريرات، ج 1، ص 431 ـ 432 بحسب الطبعة المشتملة على تعاليق السيّد الخوئيّ(رحمه الله).

(2) وتوضيح الأمر: أنّ فرض جعل شيء مسقطاً للتكليف يعني جعل حدٍّ لأمد التكليف، وهذا يعني أنّه إذا شكّ في جعل حدّ من هذا القبيل وحصل الحدّ رجع شكّنا إلى الشكّ في بقاء التكليف وسقوطه، لا بمعنى الشكّ في الامتثال كي تجري أصالة الاشتغال، بل بمعنى الشكّ في طول زمن التكليف وقصره، فالمرجع استصحاب التكليف.