المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

168

المعارضة الثانية مبتنية على بعض مباني المبحث الأوّل، وهو القول بانحفاظ إطلاق المنطوق، كذلك المعارضة الاُولى مبتنية على بعض مباني المبحث الثاني، وهو القول بالتداخل الراجع ـ على ما أفاده ـ إلى القول بانحفاظ إطلاق المادّة؛ إذ لو قيّدنا المادّة كان مقتضى المفهوم انتفاء وجوب حصّة خاصّة من الإكرام غير المنافي لوجوب حصّة اُخرى منه مثلا، فلا تبقى معارضة بين إطلاق المنطوق وإطلاق المفهوم.

وعلى هذا فإلزام الفقيه بالابتداء بحلّ إحدى المعارضتين بالخصوص غير صحيح، كما أنّ معالجتهما في عرض واحد أيضاً غير صحيح؛ لأنّها خلف فرض الطوليّة من كلا الطرفين، أعني: توقّف كلّ من المعارضتين على بعض مباني البحث عن حلّ الاُخرى.

وتخيير الفقيه بين الابتداء بحلّ هذه المعارضة أو تلك المعارضة أيضاً غير صحيح؛ لأنّه ربما تختلف النتيجة باختلاف نقطة الابتداء في المعالجة، فيكون الابتداء بأيّ منهما ترجيحاً بلا مرجّح، فلو ابتدأ الفقيه بعلاج المعارضة الاُولى واختار من المباني ما يقتضي تقديم إطلاق المفهوم على إطلاق المنطوق، استنتج من ذلك أنّ الجزاء لا يثبت إلّا عند ثبوت كلا الشرطين ويكون الشرطان معاً سبباً واحداً، وبذلك ترتفع المعارضة الثانية أيضاً ويستنتج أنّه عند اجتماع الشرطين إنّما يجب إكرام واحد.

ولو ابتدأ بعلاج المعارضة الثانية ورأى ظهور القضيّة في استقلال الشرط في المؤثّريّة أقوى من إطلاق المادّة في الجزاء فقيّد إطلاق المادّة، ارتفعت بذلك المعارضة الاُولى أيضاً واستنتج أنّ ثبوت أحد الشرطين كاف في وجوب الإكرام، وأنّ ثبوت كليهما يوجب وجوب الإكرام مرّتين.