المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

164

مثلا: (أكرم زيداً عند مجيئه)، فإنّ الثاني وإن كان كالأوّل في إفادة معنى الظرفيّة ولكن تقييد النسبة التامّة بمفرد يعطي معنى الظرفيّة لا يعني أكثر من تحصيص تلك النسبة بذاك الظرف. أمّا قوله: (إذا جاء زيد فأكرمه) فهو ربط بين نسبتين تامّتين، فبين الكلامين بونٌ بعيد.

نعم، إنّما نقبل بمفهوم الشرط في أداة لا تدلّ على تحصيص المادّة التي كانت طرفاً في الجزاء، من قبيل: (من) و(ما) ممّا يتضمّن بنفسه موضوع الحكم ويرجع إليه ضمير الجزاء، فإن كان كذلك لم يدلّ على المفهوم، فمثلا لو قال المولى: (مَن يأتكم فأكرمه) لم يكن لهذا الكلام مفهوم؛ لأنّ الضمير في (أكرمه) راجع إلى مَن يأتي، فيكون أحد طرفي النسبة الطلبيّة هو إكرام مَن يأتي لا مطلق الإكرام، ويكون حال هذا الكلام حال القضيّة الوصفيّة، ولا وجه لانتفاء مطلق وجوب الإكرام بانتفاء الشرط؛ لأنّه لم يكن هو المعلّق، بل المعلّق ـ بواسطة الضمير ـ كان خصوص إكرام مَن يأتيك.

 

تداخل الأسباب والمسبّبات لدى تعدّد شرط الجمل واتّحاد جزائها:

الأمر السادس: إذا تعدّد شرط الجمل المتعدّدة واتّحد جزاؤها، كقولنا: (إن جاءك زيد فأكرمه)، وقولنا: (إن أهدى إليك زيد هديّة فأكرمه)، واتّفق اجتماع الشرطين بأن جاء وأهدى هديّة فهل عندئذ يتداخل السببان، بمعنى أنّ كلاًّ من السببين يؤثّر في حدّ من حدود وجود المسبّب(1) ويوجد حكم واحد، أو



(1) لعلّ الأولى أن يقال: بمعنى أنّ كلاًّ من السببين يصبح عند الاجتماع جزء السبب فيحقّقان حكماً واحداً.