المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

163

نحن فيه، حيث إنّه ربط بين النسبة التامّة في قوله: (أكرم زيداً) وعنوان (عند المجيء) بنسبة ناقصة(1)، فلا يكون في عالم الثبوت شيئان أحدهما تلك النسبة التامّة مستقلّة حتّى تجري فيها مقدّمات الحكمة، بل هنا شيء واحد؛ لأنّ وظيفة النسبة الناقصة إرجاع شيئين إلى شيء واحد، فالموجود من أوّل الأمر هو حصّة خاصّة من النسبة التامّة لا مطلق النسبة التامّة، ولكن بيّنت تلك الحصّة الخاصّة في عالم الإثبات بتعدّد الدالّ والمدلول.

ونظير ما نحن فيه: أنّه لو قيل: (أكرم العالم العادل)، لم يُجر أحد من العقلاء الإطلاق في العالِم فيما قبل تقييده بالعادل، بأن يثبت بذلك أنّ المراد جميع العلماء بحيث يدلّ الكلام ببركة هذا الإطلاق على أنّ كلّ عالم عادل. والسرّ في ذلك: أنّ النسبة بين العالم والعادل ناقصة ووظيفتها إرجاع الشيئين إلى شيء واحد مقيّد، فالموجود من أوّل الأمر في عالم الثبوت إنّما هو حصّة خاصّة من العالِم بيّنت بتعدّد الدالّ والمدلول.

وأمّا النسبة الحاصلة بين الشرط والجزاء في القضايا الشرطيّة فهي نسبة تامّة تربط نسبة الشرط بنسبة الجزاء، وليست نسبة ناقصة ترجع تلك النسبتين إلى أمر واحد.

ففرق كبير بين أن يقول مثلا: (إذا جاء زيد فأكرمه)(2) أو يعبّر بكلمة اُخرى غير (إذا) ـ ممّا تفرض إفادته معنى الشرط ضمن إفادته للظرفيّة ـ وبين أن يقول



(1) محصّصة، فإنّه لا معنى لربط مفرد بنسبة إلّا بتحصيصه إيّاها.

(2) هذا بناءً على أنّ (إذا) متعلّق بالشرط وليس مضافاً إلى الشرط ومتعلّقاً بالجزاء، وإلّا لأصبح قيداً للجزاء.