المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

96

من تكاليف؛ فإنّ إطلاق التكليف لصورة العجز غير معقول، فتقييده بما يقابل هذا الإطلاق ـ وهو التقييد بالقدرة ـ أيضاً غير معقول، فيصبح أصل التكليف غير معقول.

وثانياً: الحلّ بأنّ تلك القاعدة لو سلّمت فإنّما تعني: أنّ استحالة التقييد تستوجب استحالة الإطلاق، ولا تعني: أنّ استحالة الإطلاق تستوجب استحالة التقييد؛ فإنّه في تقابل العدم والملكة اُخذت القابليّة للأمر الوجوديّ في موضوع الأمر العدميّ، فباستحالته يستحيل العدميّ، ولم تؤخذ قابليّة للأمر العدميّ في موضوع الأمر الوجوديّ حتّى يستحيل الوجوديّ باستحالة العدميّ، فالعمى ـ مثلا ـ عبارة عن عدم البصر فيما يمكن أن يكون بصيراً، فالتقابل بينهما تقابل العدم والملكة، فالجدار الذي يستحيل في حقّه البصر يستحيل في حقّه العمى، لكنّ الله تعالى الذي يستحيل في حقّه العمى لا يستحيل في حقّه البصر، بل هو البصير بعباده. وفيما نحن فيه الإطلاق هو الأمر العدميّ، والتقييد هو الأمر الوجوديّ، فاستحالة التقييد ـ مثلا ـ توجب استحالة الإطلاق لا العكس.

التقريب الثاني: أن يقال: إنّ تقييد الأمر بالمهمّ بامتثال الأهمّ غير معقول؛ للزوم الأمر بالمحال، فإطلاقه ـ بمعنى رفض قيد امتثال الأهمّ أيضاً ـ غير معقول لأنّه إذا استحال التقييد استحال الإطلاق، في حين أنّ القائل بالترتّب يحتاج إلى رفض قيد امتثال الأهمّ؛ إذ لو لا رفض هذا القيد لم يُعقل ثبوت الأمر بالمهمّ في حالة عصيان الأهمّ الذي هو ما يهدف إليه القائل بالترتّب.

وهذا التقريب يمتاز عن التقريب الأوّل من ناحية انطلاقه ـ في فرض الاستحالة ـ من طرف التقييد، لا من طرف الإطلاق.

إلاّ أنّه يرد عليه:

أوّلا: النقض بأنّه يلزم من ذلك أن نضرب بالشريعة عرض الجدار بكلّ ما فيها من تكاليف؛ فإنّ تقييد التكليف بصورة العجز غير معقول، فرفض هذا القيد ـ الذي