المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

385

الحيثيّة، إذن فهناك محور مشترك بين متعلّق الأمر والنهي وهو نفس الفعل، فالفعل الواحد قد يكون غصبيّاً وعباديّاً في نفس الوقت وقد قلنا في التحفّظ الثالث بأنّ الملاك الثاني لا يجري فيما إذا كان بين العنوانين محور مشترك.

نعم، يمكن تصوير الانفكاك بين هذين الملاكين بنحو يتمّ الثاني دون الثالث فيما لو تعلّق الأمر بعنوان حيثيّة الجنس والنهي بعنوان حيثيّة الفصل، فالجنس والفصل رغم اتّحادهما خارجاً قابل في عالم الذهن للتحليل إلى عنوانين.

فلو تعلّق الأمر بالجنس وتعلّق النهي بعنوان حيثيّة الفصل، كما لو تعلّق الأمر بإيجاد الخطّ والنهي بإيجاد خصوصيّة الانحناء الذي هو الفصل لا بالخطّ المنحني الذي هو الحصّة، فهذا الاجتماع يجوز بناءً على الملاك الثاني، بينما لا يتأتّى فيه الملاك الثالث؛ فإنّ العنوان متعدّد ولكنّ المعنون واحد خارجاً، فإنّ الجنس والفصل خارجيّتهما ليست بأنفسهما بل بوجودهما، فإنّهما جزءا ماهيّة أوّليّة لها وجودٌ واحد في الخارج، وهذا بخلاف الحيثيّات الانتزاعيّة، فإنّه هناك لا يُعقل وحدة خارجيّة لعنوانين منها(1)، فإنّها تكون خارجيّة بأنفسها، فمع تعدّدها لا يُعقل اتّحاد خارجيّتها. ولكن في الجنس والفصل يمكن أن يوجد لكليهما


(1) لا يخفى أنّ الجنس والفصل لعنوان انتزاعيّ واحد في لوح الواقع، حالهما حال الجنس والفصل لشيء متأصّل خارجاً في لوح الوجود، فهما خارجيّان بخارجيّة واحدة؛ لأنّ أحدهما مقوّم للآخر، وخارجيّة جنسه تكون بخارجيّة فصله، كما أنّ الجنس والفصل في الأشياء المتأصّلة خارجاً وجودهما بوجود واحد. فالمقياس ليس هو كون العنوانين متأصّلين أو انتزاعيّين، وإنّما المقياس كون أحدهما مقوّماً للآخر وعدمه، فمع فرض المقوّميّة هما متّحدان خارجاً، ومع فرض عدم المقوّميّة ليسا متّحدين.