المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

290

فبفرض هذه الصورة نجيب على الإيراد الخامس. إذن فكلّ هذه الإيراداتغير واردة على هذه النظريّة.

وتحقيق الحال في هذه النظريّة هو: أنّه لو بُني على ما تقوله مدرسة المحقّق النائينيّ(رحمه الله): من أنّ الوجوب ليس مفاداً للدليل الشرعيّ وإنّما هو بحكم العقل، وأمّا الدليل الشرعيّ فلا يدلّ على أكثر من الطلب، كانت هذه النظريّة صحيحة لا إشكال فيها، وذلك بأن تقرَّب ببيان: أنّ المولى قد طلب كلاًّ من الفعلين طلباً تعيينيّاً، فلو لم يقرن المولى هذا الطلب بترخيص من قِبَله ـ لأجل مصلحة التسهيل ـ انتزع العقل الوجوب التعيينيّ لكلّ واحد منهما. ولو قرن المولى ذلك بترخيص في ترك الجميعـ لمصلحة التسهيل ـ انتزع العقل استحبابهما. ولو قرن المولى ذلك بترخيص في ترك المجموع ـ لعدم اقتضاء مصلحة التسهيل أكثر من ذلك ـ انتزع العقل وجوبهما تخييراً. وهذا البيان في غاية المتانة بناءً على مسلك مدرسة المحقّق النائينيّ(رحمه الله).

أمّا لو بنينا على ما هو الصحيح: من أنّ الوجوب هو مفاد الدليل ابتداءً وكذلك الاستحباب، أو كان ـ صدفةً ـ الدليل دالاّ على الوجوب، فهنا لو فُرض إطلاق في ذلك في كلّ واحد منهما لصورة الإتيان بالآخر، لزم كونهما واجبين تعيينيّين لابدّ من الجمع بينهما وهو خلف، فينحصر تفسير هذه النظريّة بفرض جعل كلّ من الوجوبين، ومفاد كلّ من الدليلين مشروطاً بترك الآخر، وبهذا تقترب جدّاً إلى النظريّة التي نقلناها عن صاحب الكفاية(رحمه الله)(1).


(1) وإشكال تعدّد العقاب يكون جوابه: أنّه لدى ترك العبد لكلا الملاكين، وإن كان العبد قد خسّر المولى ملاكين، ولكنّنا نعلم ـ بحسب الفرض ـ أنّ المولى يطيب نفساً بخسارته لملاك واحد لأجل مصلحة التسهيل، فالعبد لم يخسّر المولى فوق المقدار الذي يطيب نفساً به إلاّ ملاكاً واحداً. ولكي ينحلّ إشكال تعدّد العقاب يجب أن نفترض أنّ مصلحة التسهيل شملت العاصي أيضاً، بمعنى التسهيل في تخفيف استحقاق عقابه.