المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

286

فقد تحصّل: أنّ هذه النظريّة لا بأس بها. نعم، هي لا تصدق في جميع موارد الوجوب التخييريّ، خصوصاً إذا افترضنا التخيير في الواجبين الضمنيّين كالحمد والتسبيحات، فإنّه حينئذ لا معنى لإرجاع ذلك إلى وجوبين مشروطٌ كلّ منها بترك الآخر؛ لأنّ الوجوبات الضمنيّة جميعاً مجعولة بجعل واحد لا بجعول متعدّدة، وصاحب هذه النظريّة ـ أعني: صاحب الكفاية(رحمه الله) ـ لم يدّع كون هذا تفسيراً للوجوب التخييريّ في جميع الموارد.

النظريّة الثالثة: ما ذكره المحقّق الإصفهانيّ(رحمه الله) حيث افترض أنّ كلاًّ من الواجبين مشتمل على ملاك، ولم يفترض أنّ الملاكين لا يمكن تحصيلهما معاً كما افترضه صاحب الكفاية، بل افترض أنّهما بمجموعهما يزاحمان مصلحة التسهيل، فذكر: أنّ الوجوب التخييريّ مرجعه إلى وجوبين تعيينيّين، مضافاً إلى حكم ثالث وهو الترخيص في ترك المجموع؛ حيث إنّ مصلحة التسهيل تارةً تكون بنحو تزيل الوجوب رأساً وتوجب الترخيص في ترك الجميع. واُخرى لا تكون بهذه المثابة، بل تكون بمثابة توجب الترخيص في ترك المجموع، حيث إنّ الالتزام بأحدهما ليست صعوبته إلى درجة توجب الترخيص في الخلاف رأساً، لكن الالتزام بهما معاً صعب إلى درجة توجب الترخيص في ترك أحدهما، فلو فعل كليهما فقد أتى بواجبين ويثاب بثوابين. ولو فعل أحدهما وترك الآخر لم يُعاقَب؛ لأنّ تركه كان مرخوصاً فيه. ولو تركهما معاً لم يعاقب إلاّ بعقاب واحد؛ لأنّ أحد التركين مرخوص فيه، فهو يعاقب بمقدار ترك واحد.

وقد أورد السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ على ذلك بعدّة إيرادات:

الإيراد الأوّل: أنّ هذا خلاف ظاهر الدليل؛ فإنّ ظاهر الدليل هو جعل وجوب واحد لا وجوبين.

إلاّ أنّه ـ كما قلنا في النظريّة الثانية ـ إنّما يكون ذلك خلاف ظاهر الدليل حينما