المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

272

والجواب: أنّ من يدّعي ابتناء المسألة على زوال الجنس بزوال فصله وعدمه يدّعي تركّب الوجوب من اعتبارين: اعتبار الطلب، واعتبار عدم الترخيص بالخلاف، لا كون الاعتبار الواحد مركّباً من طلب الفعل وعدم الترخيص في الخلاف حتّى يقال: إنّ الاعتباريّات من أبسط الاُمور. فالمدّعى في المقام أنّ أحد الاعتبارين قد زال حتماً وهو اعتبار عدم الترخيص في الخلاف، فيبقى مجالٌ للبحث عن أنّ الاعتبار الآخر باق أو لا؟

الاعتراض الثالث: أنّ مسألة انعدام الجنس بانعدام فصله وعدمه مسألة ثبوتيّة، ومسألتنا مسألة إثباتيّة، ولا ترتبط إحداهما بالاُخرى، أي: إنّه لو فُرض أنّ الجنس يمكن بقاؤه بعد زوال الفصل فهذا معناه إمكان بقاء الجواز في المقام، أمّا ثبوت بقائه ـ وهو المقصود من البحث هنا ـ فلم يُعلم، وليس إمكان البقاء دليلا على البقاء.

ويرد عليه: أنّ مَن يبني المسألة في المقام على زوال الجنس بزوال فصله وعدمه، مقصوده هو بناء المسألة على ذلك بعد الفراغ عن عدم تبعيّة الدلالة التضمّنيّة للمطابقيّة في الحجّيّة، فيقول: إنّ دليل الوجوب دلّ ضمناً على الجنس وهو الجواز، فإن كان الجنس ينتفي بانتفاء فصله فقد علمنا بانتفاء شخص ذلك الجواز، فلا معنى للتمسّك بالدلالة التضمّنيّة؛ للقطع بخلافها أيضاً. وإن كان الجنس لا ينتفي بذلك إذن نتمسّك بالدلالة التضمّنيّة لإثبات الجواز؛ لعدم تبعيّتها للمطابقيّة.

فتحصّل: أنّ كلّ هذه الاعتراضات الثلاثة غير وارد.

والصحيح: أنّ هذا الكلام المعروف يرجع بالتحليل إلى ما ذكرناه من التقريب الثاني الذي ذكرناه نحن خالياً عن إدراج مصطلحات الجنس والفصل التي أوجبت تشويش الموقف، وينبغي تكميله بذكر التقريب الأوّل والثالث ليُعرف أنّ التمسّك بدليل المنسوخ لإثبات الجواز: تارةً يكون بدلالته الالتزاميّة، واُخرى التضمّنيّة، وثالثةً المطابقيّة بالشرح الذي عرفت.

هذا تمام الكلام في المقام الأوّل.