المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

27

أقول: يمكن إصلاح برهان المحقّق النائينيّ(رحمه الله) من ناحية هذا الإشكال الذي أورده السيّد الاُستاذ دامت بركاته، وذلك بأن يقال: إنّ مقتضي أحد الضدّين: إمّا أن يقتضيه اقتضاءً مطلقاً من ناحية وجود الضدّ الآخر وعدمه، أو يقتضيه اقتضاءً مقيّداً بعدم الضدّ الآخر، أو أنّه بنفسه يقتضي عدم الضدّ الآخر.

والثالث هو الصحيح، وهو مختار المحقّق النائينيّ(رحمه الله)، وقد جَعَل ذلك برهاناً آخر على استحالة مانعيّة أحد الضدّين للآخر، وهو أنّ مقتضي الضدّ مانع عن ضدّه، فلا مجال لمانعيّة الضدّ عنه(1). وهذا مرجعه إلى البرهان الأوّل الذي ذكرناه من دون الإلفات إلى مسألة الطوليّة، أي: كون الضدّ في طول مقتضيه، وقد عرفت أنّ هذه الطوليّة هي التي تكمّل البرهان، ولولاها لأمكن افتراض كون الضدّ أيضاً مانعاً من باب اجتماع مانعين على ممنوع واحد.

والخلاصة: أنّ المحقّق النائينيّ(رحمه الله)جعل الشقّ الثالث برهاناً آخر على المقصود. فلو تنزّل المحقّق النائينيّ(رحمه الله) عن برهانه الآخر ـ بتنزّله عن الشقّ الثالث ـ أمكنه أن يبرهن على استحالة المانعيّة بأن يقول ـ بعد فرض انحصار الأمر في الشقّين الأوّلين ـ: إنّ الضدّ متى يمنع عن ضدّه؟ هل عند عدمه؟ وهذا غير معقول، أو عند وجوده؟ وهذا أيضاً غير معقول؛ لأنّ هذا الضدّ الموجود هل يفرض منعه عن ضدّ ليس له مقتض، أو يفرض منعه عن ضدّ يكون اقتضاء مقتضيه مقيّداً بعدم الضدّ الآخر، أو يفرض منعه عن ضدّ يكون اقتضاء مقتضيه ثابتاً على الإطلاق؟

أمّا الأوّل، فهو خلف ما مضى: من أنّ المانعيّة إنّما تعقل بعد فرض وجود المقتضي.


(1) راجع أجود التقريرات، ج 1، ص 257 ـ 258 بحسب الطبعة المشتملة على تعليقات السيّد الخوئيّ(رحمه الله).