المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

262

فإن فرض الثاني كان هذا أثره على الإرادة التكوينيّة أنّها تتعلّق بإيجاد الماهيّة.

وإن فرض الأوّل كان أثره على الإرادة التكوينيّة أنّها تتعلّق بإيجاد الأفراد؛ وذلك لأنّ الإرادة التكوينيّة تتعلّق لا محالة بإيجاد ما يوجَد خارجاً، فإن كان هو ذات الماهيّة فالإرادة تتعلّق بإيجادها، وإن كان هو الماهيّة المشخّصة فالإرادة تتعلّق بإيجاد الماهيّة المشخّصة.

وتعيين متعلّق الإرادة التكوينيّة يؤثّر في تعيين متعلّق الإرادة التشريعيّة؛ حيث إنّ الإرادة التشريعيّة علّة للإرادة التكوينيّة ولتحريك العبد، فلو كان العبد تحرُّكه وإرادته التكوينيّة نحو الماهيّة فالإرادة التشريعيّة أيضاً تتعلّق بالماهيّة والطبيعة. ولو كان نحو الماهيّة المتشخّصة فالإرادة التشريعيّة أيضاً تتعلّق بالماهيّة المشخّصة. والأوّل هو معنى تعلّق الأمر بالطبائع، والثاني هو معنى تعلّق الأمر بالأفراد.

وذكر(رحمه الله): أنّ ثمرة البحث تظهر في باب اجتماع الأمر والنهي بعنوانين، فبناءً على تعلّق الإرادة بالماهيّة المشخّصة لا يمكن اجتماع الأمر والنهي؛ فإنّ العنوانين ـ حتّى إذا فُرض تغايرهما ـ لا إشكال في أنّ كلّ واحد منهما من مشخّصات الآخر، فيتّحد متعلّق الأمر والنهي، وهذا بخلاف ما لو قلنا بتعلّق الإرادة بمطلق الطبيعة، فيجوز حينئذ اجتماع الأمر والنهي.

أقول: إنّ في هذا الكلام مواقع للنظر أذكر أحدها، وهو: أنّ الإرادة التشريعيّة وإن كانت هي العلّة للإرادة التكوينيّة، إلاّ أنّه لو فُرض تعلّق الإرادة التكوينيّة بالماهيّة المشخّصة، فهذا لا يعيّن كون الإرادة التشريعيّة متعلّقة بها؛ فإنّ غاية الأمر أنّ الإرادة التشريعيّة ـ التي يكون المفروض فيها أن تكون محرّكة للإرادة التكوينيّة للعبد ـ لابدّ أن تتعلّق بما يكون داخلا في متعلّق الإرادة التكوينيّة ولو ضمناً، لكي لا يلزم التكليف بما لا يمكن التحرّك نحوه.