المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

261

 

الوجوه في تصوير المقصود من عنوان المسألة:

الوجه الأوّل: ما ذكره بعض من أنّ المقصود هو إنكار التخيير العقليّ وعدمه. ويُقصد بالتخيير العقليّ في المقام: كون الشارع قد أوجب الجامع والعقل هو الذي يخيّر بين الأفراد. أمّا التخيير الشرعيّ فيقصد به هنا: كون الشارع هو الذي نظر إلى الترديد بين العِدلين الراجع إلى أمرين مشروطين.

فمعنى تعلّق الأمر بالطبائع أنّه كثيراً مّا يكون الأمر متعلّقاً بالجامع بين الأفراد من دون نظر للشارع مباشرةً إلى الأفراد، والعقل هو الذي يخيّر بينها. ومعنى تعلّق الأمر بالأفراد هو تخيير الشارع مباشرةً بين الأفراد.

وقد استبعد المحقّق النائينيّ(رحمه الله) هذا التفسير بدعوى: أنّه لم يُعهد من أحد النقاش في التخيير العقليّ وإنكاره، وإنّما القسم المتنازع فيه هو التخيير الشرعيّ.

أقول مضافاً إلى هذا: إنّ تعلّق الأمر بالفرد بمعنى الجزئيّ الحقيقيّ غير معقول؛ إذ المفهوم لا يصبح جزئيّاً حقيقيّاً إلاّ بالإشارة به إلى ما فرغ عن وجوده خارجاً، وتعلّق الأمر بذلك يكون طلباً للحاصل. أمّا مجرّد تقييد المفهوم بمفهوم آخر فلا يُخرجه عن الكلّيّة إلى الجزئيّة مهما زاد التقييد، وليست نتيجته إلاّ تضييق دائرة الجامع.

إذن فالتخيير العقليّ ممّا لابدّ منه ولا يتصوّر التخيير الشرعيّ بين الأفراد الجزئيّة. نعم، دائرة التخيير العقليّ قد تكون وسيعة واُخرى تكون ضيّقة.

الوجه الثاني: ما ذكره المحقّق النائينيّ(رحمه الله) من ربط المسألة ببحث فلسفيّ، وهو: أنّه هل الوجود يعرض على الماهيّة في طول التشخّص، أو أنّ الوجود يعرض رأساً على الماهيّة، ومن شؤون الوجود وملازماته تشخّص الماهيّة؟ والثاني هو معنى وجود الكلّيّ الطبيعيّ في الخارج.