المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

25

شغلها إخراج الماهيّة من عالم الإمكان إلى عالم الوجوب، فالماهيّة التي لا إمكان فيها، والتي تكون ممتنعة أو واجبة لا معنى لافتراض شيء له دخل في إخراجها من عالم الإمكان إلى وجوب الوجود، أو وجوب العدم.

يبقى الكلام في أنّه كيف عرفنا: أنّ اجتماع الضدّين مستحيل بالذات؟

فنقول: إنّ معرفتنا لذلك ترجع إلى إحدى دعاوى وجدانيّة لو أنّ أحداً لم يحسّ بها في وجدانه، لم يتمّ له هذا البرهان.

الاُولى: أن ندّعي ابتداءً وجدانيّة كون اجتماع الضدّين مستحيلا بالذات، وأنّ الماهيّة تضيق وتمتنع عن وجودها التوأم مع وجود ضدّها.

الثانية: أن ندّعي بالوجدان أنّ استحالة اجتماع الضدّين أبده وأوضح من استحالة وجود الشيء بلا علّة؛ ولذا وجد تيّارٌ فكريّ ينكر استحالة الثاني، ولا يجرأ على إنكار استحالة الأوّل.

نعم، لو تعقّلنا مانعيّة وجود عن وجود، بمعنى كونه خالقاً لفنائه وإعدامه، لا بمعنى مزاحمته لمقتضي وجوده، لم يتمّ هذا الشاهد؛ إذ بالإمكان أن يقال عندئذ: إنّ استحالة اجتماع الضدّين استحالة بالغير على أساس أنّ وجود أحد الضدّين مُفن ابتداءً للضدّ الآخر، وأوضحيّة استحالته من استحالة وجود الشيء بلا علّة تنشأ من أوضحيّة استحالة وجود الشيء مع فرض وجود مُفنيه من استحالة وجود الشيء من دون وجود موجد له.

الثالثة: أن ندّعي أنّنا نحسّ بالوجدان باستحالة اجتماع الضدّين ولو فرض الضدّان واجبين، في حين أنّه على تقدير وجوب الضدّ لا معنى لمانعيّة ضدّه عنه؛ لأنّ واجب الوجود لا يتصوّر له مانع.

البرهان الرابع: ما ذكره المحقّق النائينيّ(رحمه الله)، وهو مؤتلف من مقدّمتين:

المقدّمة الاُولى: أنّ مانعيّة المانع إنّما تعقل في الرتبة المتأخّرة عن المقتضي