المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

225

أساس مقدّميّة الحرام للواجب، أو على أساس التلازم بينهما ـ هو: أنّه لا توجد هنا حرمة مترتّبة على ترك الواجب، بل هناك حرمة فعليّة لتلك الحصّة من الحرام المقترنة بترك الواجب.

ولا يقال: إنّه لا مبرّر للالتزام بالحرمة الفعليّة؛ فإنّه إن قُصد بذلك أنّ ترك الواجب من شروط اتّصاف الفعل بالمفسدة، وشرط الاتّصاف يجب أن يكون قيداً للحكم لا للمتعلّق، فهو غير صحيح؛ فإنّ مفسدة الحرام ثابتة على كلّ حال، ولم تكن مشروطة بترك الواجب، وإن قدّمنا عليه الواجب بالأهمّيّة.

وإن قُصد بذلك أنّه لابدّ من تقيّد الحرمة بفرض ترك الواجب دفعاً للتزاحم، فهذا أيضاً غير صحيح؛ فإنّه يكفي في دفع التزاحم تقييد الحرام به؛ إذ بإمكانه حينئذ أن يمتثل كلا الحكمين، بأن يفعل الواجب ويترك الحرام المقترن بترك الواجب. بينما لم يكن يُعقل ذلك في الواجبين؛ فإنّه لو قيّد الواجب المهمّ بترك الأهمّ لا وجوبه، كان هذا تأكيداً للتزاحم لا علاجاً له؛ إذ يكون ذلك طلباً لترك الأهمّ، بينما هو يطلب فعل الأهمّ.

وإن قُصد بذلك أنّه كما يمكن علاج التزاحم بتقييد الحرام، كذلك يمكن علاجه بتقييد الحرمة، فلا معيّن للأوّل، قلنا: يوجد هنا معيِّن إثباتيّ له مطلقاً، ومعيِّن ثبوتيّ على تقدير القول باستحالة الترتّب:

أمّا المعيّن الإثباتيّ فهو إنّ قيد الحرمة قيدٌ للحرام لا محالة؛ إذ لا يعقل تقيّد الحرمة بفرض ترك الواجب ـ مثلا ـ مع أن يكون الحرام في نفس الوقت شاملا للحصّة المقترنة بفعل الواجب. إذن، فتقييد الحرام متيقّن، وتقييد الحرمة مشكوك يُنفى احتماله بالإطلاق.

وأمّا المعيّن الثبوتيّ بناءً على استحالة الترتّب فهو: إنّ برهان الاستحالة يبطل الحرمة الترتّبيّة في المقام، ولا يبطل فرض حرمة الحصّة المقترنة بترك الواجب؛