المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

21

الضدّين جزءاً(1) من أجزاء المؤثّر في وجود الضدّ الآخر، بناءً على إنكار ما يقال: من أنّ تأثير العدم في الوجود مستحيل.

وهذا البرهان الذي قد أوضحناه متكفّل لإبطال الشقّ الأوّل كما هو واضح؛ حيث يقال: إنّ وجود الضدّ الذي وجد في طول ضعف مقتضي ضدّه لا يمكن أن يكون مانعاً عن ضدّه؛ لأنّ ضدّه ممنوع بما هو أسبق رتبة منه، بلا فرق في ذلك بين افتراض كون ممنوعيّة الضدّ بتأثير مقتضي ضدّه من باب تأثير الوجود في الوجود تأثيراً معاكساً، أو بكون عدم مقتضي ضدّه جزء المؤثّر أو شرطه في وجوده، فإنّه على أيّ حال قد امتنع الضدّ بما هو أسبق رتبة من ضدّه، فلا يمكن أن يمتنع به.

وأمّا الشقّ الثاني، وهو افتراض كون عدم أحد الضدّين جزء المؤثّر أو شرطاً، فيمكن إبطاله بغضّ النظر عمّا يأتي في ضمن برهان آخر: من دعوى استحالة تأثير العدم في الوجود، بأن يقال: إنّنا قد فرغنا عن أنّ مقتضي الضدّ الموجود كاف في التسبّب إلى عدم وجود الضدّ الآخر، وعليه نقول: إنّه تارةً يفرض: أنّ مقتضي الضدّ هو الذي أثّر في منع ضدّه، واُخرى يفرض: أنّ عدم مقتضي الضدّ هو المؤثّر أو الشرط في وجود ضدّه، فعدم تحقّق الضدّ عند وجود مقتضي الضدّ الآخر يكون من باب فقدانه لمؤثّره أو شرطه، لا من باب وجدان المانع:

أمّا الفرض الأوّل، فيستحيل أن يجتمع مع افتراض كون عدم الضدّ مؤثّراً أو شرط التأثير للضدّ الآخر؛ لأنّه إذا كان عدم الضدّ مؤثّراً أو شرطاً لضدّه، لم يعقل مانعيّة مقتضي ذلك الضدّ؛ لأنّ المانعيّة في طول تماميّة المقتضي والشرط، بينما هنا يكون هذا المانع الذي هو مقتض للضدّ بنفسه مفنياً للمقتضي أو الشرط؛ إذ هو مفن لعدم الضدّ الذي هو مقتض أو شرط لتحقّق ضدّه بحسب الفرض.


(1) ولو بمعنى الشرطيّة.