المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

20

بأن يكون مقتضيه ضعيفاً بما هو مقيّد بذلك، بينما الضدّ المقيّد بهذا القيد هو ممتنع بالغير، وليست فيه جهة إمكان حتّى تفرض لعدمه علّة اُخرى، فإنّ العلّة إنّما يعقل كونها علّة لشيء حينما ينسب ذلك الشيء إلى وجوده، فتكون نسبته إلى وجوده وإلى عدمه على حدّ سواء، فالعلّة تقرّبه نحو الوجود، أمّا إذا نسب ذلك الشيء إلى علّة اُخرى له، فذلك الشيء بما هو منسوب إلى علّة اُخرى له لم تبقَ فيه جهة إمكان وتساو بالنسبة للوجود والعدم حتّى تكون هذه علّة مقرّبة له نحو الوجود، وهذا بخلاف العلّتين التامّتين العرضيّتين، فإنّهما بمجموعهما تؤثّران في الشيء المُقاس إلى وجود نفسه، والذي تكون نسبته إلى وجوده وعدمه على حدّ سواء فتقرّبانه نحو الوجود(1).

بقي في المقام شيء، وهو: أنّ مقدّميّة عدم أحد الضدّين للضدّ الآخر تتصوّر بشكلين:

1 ـ أن يكون ذلك من باب تأثير الوجود في الوجود تأثيراً معاكساً، أي: من باب أنّ وجود أحد الضدّين مانع عن وجود الآخر، فيصبح ـ لا محالة ـ عدمه مقدّمة للضدّ الآخر.

2 ـ أن يكون ذلك من باب تأثير العدم في الوجود، بأن يكون عدم أحد


(1) وبكلمة اُخرى: إذا كانت إحدى العلّتين في طول الاُخرى، كان معنى فرض تأثير العلّة الثانية ـ ولو بعنوان جزء العلّة ـ الفراغ عن العلّة الاُولى؛ لأنّه لولاها لم تكن الثانية موجودة حتّى تؤثّر، ومع فرض الفراغ عن العلّة الاُولى يكون المعلول واجباً، ولم تبقَ فيه جهة إمكان حتّى تفترض العلّة الثانية مؤثّرة ولو بعنوان جزء العلّة، وهذا بخلاف العلّتين العرضيّتين، فإنّ فرض تأثير إحداهما لا يساوق فرض الفراغ عن الاُخرى.

وهذا التعبير أوسع من إبداء التضايف بين أقوائيّة المقتضي الأوّل وأضعفيّة المقتضي الثاني؛ لأنّه يشمل جميع موارد العلّتين الطوليّتين أو المانعين الطوليّين.