المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

17

اقتضاء المحال، ومقتضي المحال محال(1).

وأمّا الثاني، وهو أن يكون اقتضاؤه للسواد مقيّداً بعدم البياض، فهو أيضاً باطل لأحد أمرين:

الأوّل: دعوى وجدانيّة هذا البطلان؛ فإنّ الوجدان حاكم بأنّ مجرّد التضادّ والتمانع بين شيئين لا يقتضي تقيّد اقتضاء المقتضي لأحدهما بعدم الآخر، وإن كان قد يتّفق ـ كصدفة خارجيّة ـ أن يكون اقتضاء أحدهما مقيّداً بعدم الآخر، كما لو فرض أنّ زيداً وعمرواً لا يمكن دخولهما في غرفة معيّنة؛ لتضيّق الغرفة عن


(1) لا يخفى: أنّ الإطلاق المفترض لاقتضاء السواد من ناحية وجود البياض وعدمه ليس بمعنى جمع القيود، كي ينتج اقتضاء سواد الأبيض بما هو أبيض، وإنّما هو بمعنى اقتضاء ذات السواد على كلا تقديري وجود البياض وعدمه.

ويمكن تعديل عبارة تقريب الاستحالة بأن يقال: إذا كان اقتضاء المقتضي للسواد مطلقاً وشاملا لكلا التقديرين، كان معنى ذلك اقتضاءه للسواد حتّى على تقدير البياض، وهذا اقتضاء للمحال؛ لأنّ السواد على تقدير البياض محال، واقتضاء المحال محال.

إلاّ أنّ هذا البيان أيضاً لا يتمّ إلاّ بإرجاعه إلى ما يأتي من البرهان الثالث المشتمل على توضيح كون استحالة اجتماع الضدّين استحالةٌ ذاتيّة لا غيريّة، وإلاّ فبالإمكان أن يدّعي الخصم في المقام: أنّ اقتضاء المقتضي للسواد مطلق وشامل لكلا تقديري وجود البياض وعدمه، أمّا ما ترونه من استحالة السواد على تقدير البياض فهي استحالة غيريّة، على أساس مانعيّة الضدّ ـ وهو البياض ـ عن ضدّه وهو السواد، ولا استحالة في اقتضاء المقتضي المستحيل بالاستحالة الغيريّة.

وكأنّ هذا الإشكال هو المقصود بما سيأتي من اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في آخر بحث الضدّ الخاصّ من أنّ البرهان الأوّل لا يكفي للبرهنة على عدم مانعيّة السواد للبياض التوأم مع السواد.