المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

16

وجود المقتضيين، فتعيّن الثاني، وهو استناده إلى وجود المانع، فنقول: هل المانع ـ الذي على أساسه لم يوجد هذا الضدّ ـ هو الضدّ الآخر، أو مقتضي الضدّ الآخر؟ لا سبيل إلى الأوّل؛ لأنّ الضدّ الآخر لم يوجد حتّى يمنع، وفعليّة منع الشيء عن شيء آخر فرع وجوده، فتعيّن الثاني، وهو: أنّ مقتضي أحد الضدّين المساوي لمقتضي الآخر مانع عن الآخر، فإذا كان المقتضي المساوي مانعاً عن وجود الضدّ، فالمقتضي الأقوى أيضاً مانع حتماً؛ إذ لا يحتمل كون المقتضي المساوي مانعاً، ولكن حينما تزداد قوّته يسقط عن المانعيّة، فتحصّل: أنّ المقتضي الأقوى لأحد الضدّين مانع عن الضدّ الآخر، وهو المطلوب.

البيان الثاني: أن يقال: إنّ المقتضي الأقوى لأحد الضدّين ـ وهو السواد مثلا ـ لا يخلو أمره في كيفيّة اقتضائه للضدّ من أحد فروض ثلاثة:

1 ـ أن يقتضي السواد اقتضاءً مطلقاً من ناحية وجود البياض وعدمه، أي: أنّه يقتضي تحقّق السواد حتّى على تقدير وجود البياض.

2 ـ أن يقتضي السواد اقتضاءً مقيّداً بعدم وجود البياض، أي: أنّه على تقدير وجود البياض لا اقتضاء له للسواد.

3 ـ أن يقتضي سواداً لا بياض معه، أي: أنّه يقتضي السواد وعدم البياض، فيكون عدم البياض داخلا في مقتضاه، فلا معنى لافتراض كون اقتضائه مطلقاً بالنسبة إليه أو مقيّداً، كما لا معنى لافتراض كون اقتضائه للسواد مطلقاً بالنسبة إلى وجود السواد أو مقيّداً. والثالث هو المطلوب؛ فإنّه يعني: أنّ المقتضي الأقوى لأحد الضدّين مانع عن الضدّ الآخر. والأوّل والثاني باطلان:

أمّا الأوّل، فلأنّ معناه: أنّ مقتضي السواد يقتضي سواد الأبيض بما هو أبيض؛ لأنّ اقتضاءه للسواد فرض مطلقاً من ناحية وجود البياض وعدمه، وهذا معناه: