المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

12

عالم التشريع إذا تمّ اقتضاء لأحد الضدّين، تمّ الاقتضاء بنفس الدرجة لعدم الضدّ الآخر، إذن فلو كان حكم أحدهما هو الوجوب، كان حكم الآخر هو الحرمة وبالعكس، ولو كان حكم أحدهما هو الاستحباب كان حكم الآخر هو الكراهة وبالعكس، فهذا معناه الالتزام باقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه الخاصّ. في عرض الالتزام باقتضائه للنهي عن الضدّ العامّ، إلاّ أنّهم لم يدّعوا مثل هذه الدعوى فيمن أعلم، وإنّما مدّعاهم في مقام إثبات كون الأمر بالشيء مقتضياً للنهي عن ضدّه، هو أحد المسلكين الماضيين.

ثمّ إنّ ما ذكرناه من المسلكين ـ أعني: مسلك التلازم ومسلك المقدّميّة ـ قد بيّنّا فيهما علاقة التلازم في الحكم، أو المقدّميّة بين الإزالة التي هي الواجب وترك الصلاة الذي هو ترك الضدّ، ويمكن أيضاً بيان علاقة التلازم في الحكم أو المقدّميّة بين عدم الإزالة الذي هو الضدّ العامّ للواجب والصلاة التي هي ضدّ الواجب.

أمّا بيان مسلك التلازم على هذا الأساس، فبأن يقال: إنّ الأمر بالإزالة يقتضي النهي عن ضدّه العامّ، فيحرم ترك الإزالة، فإذا حرم ترك الإزالة عرفنا حرمة الصلاة أيضاً؛ للملازمة بين ترك الإزالة والصلاة.

ونقطة الضعف الموجودة في هذا البيان لمسلك التلازم هي: أنّ ترك الإزالة لا يستلزم فعل الصلاة، إلاّ إذا كانت الإزالة والصلاة ضدّين لا ثالث لهما، وهذا البيان لمسك التلازم يختصّ بضدّين لا ثالث لهما، بخلاف البيان السابق الذي عرفت أنّه لو تمّ، يتمّ في كلّ ضدّين ولو كان لهما ثالث.

ويمكن التغلّب على هذه النقطة بأحد وجوه ثلاثة:

الوجه الأوّل: أن يقال: إنّ حرمة عدم الإزالة تكون بنحو مطلق الوجود والاستغراق، فتثبت لكلّ حصص عدم الإزالة التي إحداها هي الإزالة المقترنة بالصلاة، وإذا حرمت تلك الحصّة حرمت الصلاة؛ للملازمة بينهما.